13 سبتمبر 2025

تسجيل

الشيخ إبراهيم بن عبد الله الأنصاري

27 يونيو 2016

كان الشيخ إبراهيم بن عبد الله الأنصاري - رحمه الله - كثير التوكل على الله، ذا عقيدة صالحة بأن الله يسهل له ما يقصد، وفعلًا لم يضق به عيش ولله الحمد طيلة حياته. وكثيرًا ما يكون قلقًا بعد صلاة المغرب إذا لم يطرق بابه طارق، ولم يأته ضيف فيؤخر العشاء إلى ما بعد العشاء، فلربما يسوق الله له ولأسرته ضيفًا حتى يهنأوا بعشائهم.وقد عاش كذلك طيلة حياته، ومجلسه مأوى لكل قادم، وعلمه معروض لكل سائل، وما له لا يبخل به فقير أو مستجير، أو عابر سبيل لم يخلف مالًا، وإنما خلف سمعة طيبة طوت الآفاق وعمت الأمصار في شبه الجزيرة، وعرفه أهل البادية والحضر، ووقروه واحترموا رأيه وقراره فيما كان يعرض عليه للقضاء.كان- رحمه الله- طاقة كبيرة في الكرم وحب الناس وسعة الصدر، وطيب القلب، وحسن النية والطوية هكذا كان إلى أن توفاه الله في اليوم الثامن من شعبان عام 1380هـ.. رحمه الله رحمة واسعة".وكان رحمه الله عالمًا بالفقه، يفتي على المذاهب الأربعة، وعالمًا باللغة أيضًا.. والفلك.. وبارعًا شديد البراعة في المواريث، تبهر براعته جميع من عرفه.ويُذْكَرُ أنَّه رحمه الله حلَّ مسألة من مسائل المواريث المعقَّدة، والتي أخذ فيها أحد العلماء يومين في مجلس واحد، وكانت حُملت من فارس إلى الأزهر الشريف لحلها، فراح كل عالم يحيلها على آخر لصعوبتها، ثم أخذها أحدهم وعكف عليها لمدة يومين، وفي طريق عودة حاملها إلى فارس نزل بالشيخ إبراهيم، فلما رأى المسألة حلَّها في مجلس واحد.وقد تولى القضاء لحاكم قطر الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني رحمه الله، ومن بعده ابنه الشيخ عبد الله آل ثاني، فالشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، ثم الشيخ أحمد بن علي آل ثاني، إذ توفي في عهده رحمه الله.وروى لي الوالد علي بن عبد العزيز المهندي أطال الله عمره مواقف عديدة للشيخ الأنصاري - رحمه الله.وبقي الشيخ إبراهيم قاضيًا للناحية الشَّمالية من دولة قطر، طيلة حياته، وكانت له مواقف جلية تبين علاقته الطيبة بالحكام، وصواب آرائه الفقهيَّة على مذاهب أهل العلم لا على مذهبه فقط، ومن ذلك موقفه في قضيَّة الوالد عبد الله القلَّداري رحمه الله، والتي تبيِّن وقوفه على حد الحق للحق، وأنَّ اختلاف آراء العلماء لا يفسد للوداد بينهما أي قضيَّة، وموقفه في قضيَّة الشِّيخ محمد بن قاسم بن محمد آل ثاني رحمه الله، وسماحة الوالد الشَّيخ محمد بن مانع رحمه الله تعالى. فقد كان الوالد القلداري قد سافر في تجارة، وغابت أخباره لمدة خمس سنوات، فحكم سماحة الوالد الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود بجواز تزويجها، وبعد خمس سنوات عاد القلداري، فأبدت زوجته رغبة في العودة إليه، واختار سماحة الوالد الشيخ ابن محمود رأي أهل العلم الذي يبني خمس سنوات من الغيبة، فلما روجع الشيخ إبراهيم في القضيَّة، حكم برجعة الزوجة إلى زوجها الأول إن رغبت، وبنى على رأي الحنبلية في الرجعة والذي يقضي على أنَّه إن رجع المفقود قبل أنْ يبلغ الستين فالزوجة زوجته إن أراد، فلما راجع سماحة الشيخ ابن محمود الجد، قال: "أنا شافعي.. وعندنا يرتقب الرجل حتى يصل التسعين، وقد حكمت على مذهب ولاة الأمر في قطر، مذهب الإمام ابن حنبل"، وأحالهم إلى كتاب كان موجودًا في المجلس في الفقه الحنبلي، وأشار إلى الجزء والصفحة، وهو لم يمسك الكتاب في المجلس.وللشيخ إبراهيم قصائد علمية متعددة، وتصانيف عدة، فمن قصائده قصيدة بديعة في ترتيب سور القرآن، ونظم آخر في ترتيب الطوالع والبروج، وآخر في عمليات حساب موافقات السنين الهجرية للميلادية.ولم يكن للشيخ إبراهيم من الذكور إلا الشيخ عبد الله الأنصاري، وقد كان رحمه الله يقرظ الشعر أيضًا، إلا أن والده نهاه عن ذلك فانتهى عنه، ولكن علاقته بالأدب العربي لم تنتهِ.