15 سبتمبر 2025

تسجيل

خمس سنين في مدينة النبي الأمين (10)

27 يونيو 2015

إن ما أسطره في هذا المقال ليس مجرد سرد ذكريات عبر زمنها وطويت صحيفتها بل هو حديث عن شخصيات ستظل ماثلة في كياني ما حييت فقد كانت المنبع الصافي الذي نهلت منه العلم والمعين الزلال الذي استقيت منه الأدب والأخلاق. وقد ذكرت في ثنايا المقالات السابقة بداية تتلمذي على شيخي الأول الذي لازمته خلال مقامنا بالمدينة المنورة خمس سنين وتتلمذت عليه وأخذت عنه وهو الفقيه الأصولي المفسر إمام حرم رسول الله و قاضي مدينته الشيخ حسين بن عبدالعزيز بن حسن آل الشيخ المولود عام ١٣٨٤في الحريق.وقد تتلمذ شيخنا في الرياض على عدد من كبار أهل العلم كالشيخ ابن جبرين والشيخ عبدالعزيز بن داود والشيخ ابن غديان وغيرهم.وبعد تخرجه من كلية الشريعة نال درجتي الماجستير والدكتوراه من المعهد العالي للقضاء. وتدرج في السلك القضائي حتى وصل قاضيا بمحكمة الاستئناف الشرعية بالمدينة المنورة، والشيخ مع عمله بالقضاء يتولى إمامة الحرم النبوي الشريف إضافة إلى التدريس فيه.كما درس الشيخ في الجامعة الإسلامية بكلية أصول الدين بمرحلة الدكتوراه مدة سنتين ناقش خلالها عدة رسائل علمية.وقد لازمت الشيخ وقرأت عليه صحبة أخي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالرحمن بن حمد آل ثاني عددا من المتون في مختلف الفنون وذلك أننا انضممنا لحلقة درسه بالحرم في بلوغ المرام للحافظ ابن حجر، كما كنا نقرأ عليه في مزرعته وبيته وغرفة الأئمة أمام الحجرة النبوية والحجرة الأخرى أمام باب الجنائز من كتاب منهج السالكين لابن سعدي في الفقه إضافة إلى زاد المستقنع، وفي العقيدة اللامية المنسوبة لشيخ الإسلام ابن تيمية وحائية ابن أبي داود، و في الحديث الأربعين وشرحه للحافظ ابن رجب وبعده البلوغ ورياض الصالحين مع شرح الشيخ ابن عثيمين وغيرها من الكتب.وقد كنا حريصين على ملازمة الشيخ فكنا نخرج معه للبر وربما طلب مني قراءة خطبه لمراجعتها، وأحيانا يتصل بي في البيت ويقول افتح الروض المربع واقرأ علي من كذا إلى كذا.وأحسب شيخنا صاحب عبادة فكان يصلي بنا في مزرعته في صلاة العشاء بخمسة أجزاء أحيانا.ولا أنسى أننا حينما جئنا للمدينة وكنا نبحث عن سكن فاتصل بي الشيخ وعرض علينا السكنى في بيته وقال عندي غرفة لكم وتتغدون معي وتتذاكرون مع عبدالمحسن ابنه الكبير، فمازلت أتذكر هذا المعروف ولا أنساه للشيخ ، فجزاه الله عنا خير جزائه.وقد دعونا الشيخ إلى زيارة قطر فلبى وزارنا أكثر من مرة، قابل فيها سمو الأمير، وكان حينها وليا للعهد، وأكرمه كما هي عادته مع أهل العلم، كما خطب شيخنا في زيارته الثانية بجامع جده الإمام محمد بن عبدالوهاب .وأخيرا فقد أكرمنا الشيخ بكتب إجازة لنا قبل مغادرتنا المدينة فأحسن الله إليه في الدنيا والآخرة.