17 سبتمبر 2025

تسجيل

الملك سلمان .. ونهوض عربي جديد

27 يونيو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كشفت الشهور القليلة الماضية التي اعتلى فيها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز سدة الحكم في السعودية عن تمتع الرجل بقدرة تحليلية صائبة لواقع العالم وتطوراته ومستجداته وعن رؤية إستراتيجية نافذة وقراءة واعية وصحيحة لواقع أمته العربية التي تداعت عليها الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها وهو ما حمله على اتخاذ جملة من السياسات الجريئة والحازمة لمواجهة التحديات التي تواجهها الأمة العربية من الغير والتي يأتي المشروع الصفوي الفارسي في مقدمتها خاصة بعد أن كشر الصفويون عن أنيابهم وتحالفوا مع قوى محلية لتدشين مشروعهم التوسعي المتشح. زورا وبهتانا بالعباءة التبشيرية الشيعية والشعارات الثورية البراقة الخادعة. كان التصدي لجماعة الحوثي والمتآمرين معها أولوية لدى صانع القرار السعودي فبعد تغول إيران في الواقع السياسي والأمني في البلدان التي وقعت تحت تأثير نفوذها المباشر، كالعراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن ورحيل الولايات المتحدة من العراق ونفض يدها منه أخذت تعمل وبشكل مباشر على الإضرار بالمصالح الحيوية والاقتصادية والتركيبة المذهبية لدول الخليج من خلال محاولتها استنساخ حزب الله جديد في اليمن ــ وفي غيره إن استطاعت إلى ذلك سبيلا ــ ممثلا في جماعة الحوثي المنقلبة على الشرعية وفي السيطرة على باب المندب من خلالهم لمحاولة النيل من الصادرات السعودية والخليجية من النفط والغاز المنطلقة من البحر الأحمر إلى أوروبا وإفريقيا وآسيا بل والعدوان على الأراضي السعودية وممارسة التحريض القبلي والطائفي وزرع بذور الفتن والدسائس لتفتيت المملكة وهو ما جعل عاصفة الحزم خيار الضرورة لأمن المملكة ودول الخليج وخيار الضرورة كذلك لتأمين سلامة اليمن التي يعد أمنها تاريخيا جزءا أساسيا من أمن وسلامة المملكة العربية السعودية وباقي دول مجلس التعاون كما جاءت عملية إعادة الأمل رؤية إستراتيجية لبناء يمن موحد آمن مستقر ومزدهر يمكن ضمه إلى دول مجلس التعاون الخليجي في المستقبل. وبينما كان يتوقع البعض دخول المملكة في صراعات وصدامات مع دول عربية انتهجت المملكة سياسة إصلاحية مبناها وأساسها إعادة بناء البيت العربي على أسس سليمة لمواجهة التحديات التي تواجه العرب جميعا والظن أن التقارب التركي ــ السعودي الخليجي سيكون على حساب دول عربية شقيقة ذهب أدراج الرياح ونجحت المملكة في الحفاظ على علاقات جيدة مع جميع الدول العربية في المنطقة معتبرة تحقيق الاستقرار فيها مفتاحا مهما يساعدها في بناء مشروع عربي إسلامي نهضوي قادر على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، أما استمرار حالة الانقسام المجتمعي والتشرذم في بعض الدول العربية فلن يفيد أحدا ولذلك لم تعتبر المملكة حركة الإخوان المسلمين حركة إرهابية وبذلت وتبذل في عهد ملكها الجديد الجهود لإنجاز مصالحات مهمة بين الفرقاء السياسيين وأسفرت الجهود السعودية بالفعل عن إلغاء مصر قرارها باعتبار حماس منظمة إرهابية وبفتحها لمعبر رفح لأيام متواصلة في الاتجاهين ليس فقط أمام الناس بل البضائع أيضا، التي تشمل الاسمنت ومواد البناء وهو أمر غير مسبوق في عهد الرئيس المصري السيسي. وحسب صحيفة الحياة اللندنية فقد تحدث أحد قادة حماس لها وأفصح عن اتفاق مع مصر تتعهد بموجبه حماس بعدم العمل عن طريق الإنفاق وبالكف عن مهاجمة مصر في الإعلام مقابل فتح معبر رفح ولاشك أن المجهود السعودي الخليجي كان وراء هذا الإنجاز الذي رفع المعاناة عن 2 مليون فلسطيني محاصر ولو بعض حين. كما قدمت المملكة دعما ماديا لحماس لحثها على إنهاء علاقتها بإيران التي تتاجر بالقضية الفلسطينية وتستغل دعمها لها لحصد المكاسب السياسية ولاستخدامها ورقة ضد خصومها كما فتحت المملكة الأبواب، أما ممثلو حزب الإصلاح اليمني التابع للإخوان المسلمين وربما كانت على استعداد لمحاورة من هم على استعداد لإلقاء السلاح والعودة إلى الانضواء في حظيرة الشرعية لقد بات واضحا أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في عمل دائب لرأب الصدع في العلاقات العربية العربية لتكريس الجهود وتوحيدها وبناء مشروع عربي نهضوي بالاعتماد على الذات تكون المملكة العربية السعودية وشقيقاتها الخليجيات نواته وقوته الأولى ويكون مقاوما للمشاريع القائمة في المنطقة سواء ما تعلق منها بإيران أو ما تعلق منها بأمريكا وإسرائيل أو بمشروع داعش الإرهابي التصفوي الدموي. وسيسجل التاريخ للملك سلمان عمله هذا ونجاحه في إعادة الأمن القومي العربي والخليجي من جديد. وعلى المستوى الدولي، أعادت المملكة هيكلة السياسة الخارجية. وبعد التقارب السعودي مع تركيا، ونجاحها في كسب دعم باكستاني كامل للتحالف الذي تقوده المملكة عملت على خلخلة الموقف الروسي الداعم لنظام بشار الأسد وإقامة شراكة قوية مع روسيا وتعد زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي إلى موسكو والتي تمخضت عن اتفاق للتعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية ومجموعة من الاتفاقيات الأخرى بين البلدين خروجا من سياسة الاعتماد على القطب الواحد والبحث عن شركاء جدد تتقاطع مصالحهم مع المصالح العربية كما يمثل الاتفاق النووي نظرة إستراتيجية بعيدة المدى لقطاع الطاقة وقد وصف اندريه يكلانوف السفير الروسي السابق لدى المملكة الاتفاقية بأنها ليست إلا البداية، ومجرد توقيعها في هذا المجال يؤشر بشكل واضح، إلى اتجاه العلاقات بين البلدين نحو الشراكة الإستراتيجية.وفي نفس السياق جاءت زيارة الأيام الثلاثة الرسمية التي قام بها ولي ولي العهد السعودي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان والتي شهدت التوقيع على عشرة عقود واتفاقيات تبلغ قيمتها نحو 12 مليار يورو وقد رتبت هذه الزيارة شراكة إستراتيجية استثنائية بين المملكة العربية السعودية وفرنسا تتضمن حصول المملكة على التكنولوجيا الفرنسية في مجالات عديدة. وقد عبر وزير الخارجية السعودي الجبير عن فحوى وهدف هذه الزيارة بقوله "إن الرياض حريصة على الحصول على أفضل التقنيات الدفاعية والعسكرية في العالم، مشيراً إلى أن المملكة وفرنسا لهما تاريخ عريق للتعاون الدفاعي والعسكري".. وهكذا تدشن المملكة في عهد ملكها سلمان سياسات غير مسبوقة لتعزيز القوة الذاتية لدول مجلس التعاون الخليجي ومحيطه العربي من أجل مواجهة كافة التحديات الراهنة والمستقبلية من خلال نهوض عربي قوي وجديد.