12 سبتمبر 2025
تسجيلمن النادر جدا.. بل من غير المعقول في زمننا هذا.. أن يتنازل مسؤول عن أي نوع من السلطة.. ولم أشهد على مدار سنوات عمري مسؤولا عربيا.. ملكا أو أميرا أو رئيسا للجمهورية.. ينزل من على كرسي الحكم طواعية وفي ظروف طبيعية.. إلا سمو الشيخ حمد بن خليفة أمير قطر.. هذا الرجل العربي الأصيل الذي صعد من قمة السلطة إلى قمة المجد عندما تنازل عن السلطة للشيخ تميم في انتقال سلس ورائع للسلطة في هذه الدولة الصغيرة حجما.. الكبيرة تأثيرا في العالم العربي.. بل والعالم كله بما حققته من طفرات اقتصادية وتنويرية وسياسية. لقد كان قرار سمو الشيخ حمد التاريخي مفاجأة مدوية للعالم كله.. فلم يتخيل أحد أن يقدم أمير البلاد على هذه الخطوة التاريخية غير المسبوقة وهو يتمتع بكل هذا الحب الجارف من شعبه والتقدير الكبير من أمته ومن العالم كله لحكمته وجرأته. لقد تأثرت كثيرا بالشيخ حمد.. ليس لما حققه من إنجازات كبيرة وغير مسبوقة في قطر والتي وضعها على الخريطة العالمية اقتصاديا وسياسيا وإعلاميا وثقافيا فقط.. ولكن للجانب الإنساني الذي يعكس الوفاء النادر وجوده هذه الأيام وأذكر بالتحديد عندما حرص على زيارة مصر في عز أزمته مع النظام المصري السابق من أجل تقديم واجب العزاء في وفاة المدرس المصري الذي تعلم على يديه.. فما الذي أجبره على القيام بهذه الزيارة الخاصة والتي حرص فيها أن تكون خالصة لوجه الله بعيدا عن الإعلام.. سوى معدنه الأصيل ووفائه النادر. إن الخطوة التاريخية التي اتخذها سمو الشيخ حمد في هذا التوقيت الحرج الذي تمر به أمتنا العربية من صراعات سياسية وفتن مذهبية.. بلاشك أحرجت كل المتناحرين على السلطة.. أحرجت من يقتلون شعوبهم من أجل البقاء على كرسي العرش الزائل.. أحرجت كل من يقاتل من أجل خلع غيره وانتزاع سلطته بدون وجه حق. إن تنازل الشيخ حمد للسلطة لابنه الشاب الشيخ تميم يعطي درسا للحكام والشعوب والسياسيين بأن يعطوا الفرصة ويفتحوا الأبواب على مصاريعها للشباب الفاهم المتعلم الدارس لقيادة دفة الأمور.. سواء في قمة السلطة أو المواقع الأخرى.. فالبلاد تحتاج لتجديد الدماء من أجل تطوير الأداء.. والشيخ حمد يفعل ذلك وهو قد حول قطر إلى دولة عصرية حديثة بمعنى الكلمة متغلبا على مساحة أرض صغيرة وعدد قليل جدا من السكان.