17 سبتمبر 2025
تسجيلعدد من الدول العربية والإسلامية يمر بظروف اقتصادية صعبة، فنجد الصومال الذي عانى من المجاعات وهو بلد فيه ثروات حيوانية وأسماك وزراعة وغيرها، وكذلك النيجر ومالي المليئتان باليورانيوم والبترول والمعادن، واليمن الذي زرع أهله القات بدل البن والثروة الحيوانية وأصبح يعتمد على المساعدات، وهناك أيضاً بلدان كثيرة تعاني من الانفجار السكاني واضطرابات في قضايا الموارد والبطالة، أضف إلى غنى فاحش عند طبقة معينة وفقر فاحش عند الكثير. إننا نسمع عن قصص مخيفة في بلدان كثيرة، فمجاعة النيجر كان الناس يـأكلون من الشجر، وهناك أناس يأكلون من القمامات، أضف إلى ذلك الكثير من المآسي الإنسانية بسبب الجفاف أو الزلازل أو تكاثر السكان والأزمات في تلك البلدان مع فساد وأنظمة معوقة للإصلاح الاقتصادي.. العالم العربي والإسلامي يدفع ثمناً غالياً لهذه الظروف القاسية التي تختلف أسبابها، ومن يقرأ تقارير الأمم المتحدة من اليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي والمفوضية السامية للاجئين وغيرها، كلها تقارير واحصائيات مخيفة، ونجد أن هناك منظمات خيرية تريد أن تساعد وكذلك الدول ولكن هل قضية المساعدات هي الحل النهائي للقضايا، لأن المساعدات الإنسانية آنية وتنتهي والمانحون لا يستطيعون أن يواصلون الدعم المستمر لكثرة الأماكن والمناطق والأحداث. لذا لابد من دراسة حلول علمية وهي برنامج التنمية الذاتية من حيث تدريب الناس على الاعتماد الذاتي، ويستطيع البنك الإسلامي للتنمية والصناديق التنموية الخليجية العمل المشترك لتمويل برامج التنمية الذاتية من حيث الزراعة والمياه وأعمال مختلفة وإعداد العمال وتدريبهم وتأهيلهم، كذلك فإن هناك الاستثمارات والصناعات مع وجود ضمانات لمثل هذه البرامج. لا شك أن الاستقرار الأمني في عدد من الدول سيساعد على تشجيع البرامج الاستثمارية، ورأينا أن قضايا العمل لا تتفق مع الواقع الحالي والتغييرات وفق حاجة السوق والمنافسة أضف إلى ذلك الهجرات غير الشرعية أو الشرعية النابعة من سوء أحوال تجعل المهاجرين عرضة للابتزاز، وهناك قصص مخيفة عن الموت في البحار وضحايا عصابات التهريب، كما أن العمال غير الشرعيين الذين يصلون إلى دول غربية يواجهون ظروفا صعبة وبعضهم لا توجد لهم خلفيات ثقافية فيخسرون هويتهم ويصحبون ضحايا لجماعات منحرفة ومتطرفة وتجار المخدرات والجرائم والفساد، وللأسف لا يوجد من يدرس مثل هذه الظواهر. الغرب اليوم لديه مراكز أبحاث ودراسات لمجالات الهجرة والعمالة والتغييرات الاجتماعية، أما نحن فمشغولون بالسياسة فقط وندفع بالناس في هذا الاتجاه، فالجامعات ومراكز الدراسات تخلو من هذه الأبحاث والدول عندنا والمؤسسات لا تعطي لهذا الجانب أي اهتمام ولا تعيره التفاتا للأسف، لأن قضايانا الخطيرة لا نريد أن ندرسها باهتمام، فمثلاً بلادي اليمن لو تعاونت الصناديق العربية والدول الإسلامية من خلال البنك الإسلامي للتنمية لعمل برنامج تنمية ذاتي في تمويل تدريب برامج للناس من خلال مؤسسات لتشجيع الزراعة والثروة الحيوانية والمياه ومحاربة القات وإيجاد برامج يستفاد فيها من تجارب الدول الأخرى، كماليزيا وطلب مساعدة منظمات دولية في هذا المجال بعد دراسة ميدانية، كذلك الصومال لتشجيع الناس على الزراعة والصيد وإقامة مشاريع وتأهيل الناس. وقد سمعت من شخص يمثل مؤسسة خيرية مثل مشروع لدارفور يتمثل في إقامة مدن بمساعدة دول غربية تتضمن مساكن مع خزانات مياه ومزارع يتم تمليكها بأقساط ميسرة يكون عائدها لصيانة ودعم المشروع وتساعد فيها منظمات المجتمع المدني في المستوصفات والتعليم وغيره وتتبنى كل دولة مدينة باسمها وسيكون هذا مساعدا للاستقرار ومساعدا للناس في تلك البلاد وهو مقترح يستحق الدراسة. للأسف فإن منظماتنا ودولنا لا يوجد لديها مشروع، وتحدثت في هذا الخصوص مع الدكتور أحمد محمد علي، رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية الذي أشاد بدور جمعية الأمير ماجد بن عبدالعزيز حيث إن أبناءه أنشأوا مؤسسة باسمه تقوم على أساس التنمية الذاتية وهو إبداع ويتمنى الإنسان أن تستفيد المؤسسات الخيرية من تجربة هذه المؤسسة وبرنامجها، خاصة أن على رأسها رجلا معروفا بذكائه وإبداعه وبُعد نظره للأمور لما لديه من خبرة وتجربة وهو صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز، وكان أبوه رحمه الله من خيرة الرجال المشهود لهم وكان هو وأولاده محبوبين من الجميع. لذا أتوجه بدعوة إلى البنك الإسلامي للدعوة لمؤتمر للمنظمات الإنسانية والصناديق التنموية ووزارات التنمية والمالية وذلك بالتنسيق مع منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية للعمل المشترك ودعوة أساتذة الجامعات ومنظمات الأمم المتحدة ومراكز الدراسات لتقديم دراساتها وآرائها ومناقشتها، ولا يكتفي بمؤتمر يتم فيه حفل وجلسات وينفض اللقاء بقرارات ينتهي بها الأمر إلى الملفات والأدراج، وإنما البدء في خطة عمل تنفيذية للبدء في هذه المشروعات التدريبية مع التزام الدول بدعم هذا المشروع لما فيه من فوائد على الجميع. إن هناك دولا كانت تعاني من ظروف اقتصادية وأزمات اقتصادية وخرجت من ذلك بعمل برنامج تنمية ذاتية نجحت في كوريا ونجحت في بلاد كتايلاند وفيتنام وغيرها، إننا بحاجة إلى أن نستفيد من تجارب الدول والمؤسسات التي سبقتنا رغم قلة مواردها. وكذلك ديننا الحنيف علمنا ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم علم المسلمين كيف ينمون قدراتهم فقد نصح رجل بأن يذهب ويحتطب وعلمه شراء الفأس والحبل، وكذلك الصحابة الذين هاجروا من مكة إلى المدينة بعد أن خسروا كل ما معهم وتعلموا التنمية الذاتية وبنوا تجارتهم وأصبحوا من كبار التجار كعبدالله بن عوف وطلحة والزبير وعثمان بن عفان وساعدوا في خدمة الإسلام وخرج المسلمون من الفقر إلى أحسن الأحوال. تعلمت من رجل فاضل وأعده مبدعا صاحب آراء حكيمة وهو الشيخ خالد عبداللطيف الفوزان، من رجال الأعمال الذين قدم اقتراح بتأهيل المسلمين وتدريبهم للاعتماد على النفس والتمويل الذاتي، إن ذلك سيقوم بنقلة نوعية للدول الفقيرة والتي تعاني من ظروف قاسية. لذا لابد أن تفكر الدول والهيئات والبنك الإسلامي للتنمية والصناديق التنموية لتقديم مبادرة حضارية ستكتب في ميزان أعمالهم على أن تقوم على الواقعية وفي ضوء الموارد والإمكانات لكل بلد ودراسة كل حالة ومعالجتها على ضوء الواقع.