14 سبتمبر 2025

تسجيل

ليفرح الإخوان وأحبابهم وأنصارهم

27 يونيو 2012

يتحرج كثير من الإخوان المسلمين من إبراز فرحتهم بفوز الدكتور مرسي إما لأنهم يعتبرون هذا الفوز تكليفا لا تشريفا ويعتبرونه نصرا ولكن تحفه المسؤوليات والمخاطر وينتظره ما ينتظره من التحديات، وإما لأن أخلاقهم وما تعلموه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأن اللياقة تفرض على المنتصر أن يطامن وأن يتواضع ولا يظهر الشماتة والفرح فيما الخصم يتلوى بحزنه ويتلفع بترحه.. ربما أيضا لأن الإخوان لم يتعودوا على الفرح وأن تاريخهم الطويل منذ تأسست جماعتهم تقلب بين الحظر ورد الإشاعات ودخول المعتقلات والعمل السري.. لكن ومع أن لكل هذه الاعتبارات تأثيرها وحقيقتها.. فإن على الإخوان المسلمين أن يفرحوا وأن يظهروا سعادتهم وعلى أنصارهم وأحبابهم أن يفرحوا معهم.. وعليهم أن يتركوا للطبيعة السيكيولوجية والبيولوجية أن تأخذ مجراها ومداها في التعبير عن هذه اللحظة التي هي من أيام الله تعالى الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء.. وبالتأكيد ليست عادية ولا هي لمحة بسيطة أن يجلس مرسي على ذات كرسي الحكم الذي ظلمه، ومكان ذات المستبد الذي قهره وسجنه (إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم) يوسف 100.. وأقول..  ليفرح الإخوان المسلمون وليس عليهم أن يتحرجوا من ذلك لأن منهم صار رئيس الجمهورية بما له من سلطات ومقتضى إمكانات، وهي منزلة تطمع فيها كل جماعة وكل حزب وكل اتجاه، وتعتبر غاية منازل النجاح ؛ نجاح للمنهاج الذي هو هنا الإسلام والوسطية والشعبية والسلمية والوطنية والثورية والمقاومة ورفض الاستبداد والفساد.. ونجاح للناس الذين حملوا هذا المنهاج وجسدوه واستطاعوا أن يتمثلوه وأن يبرهنوا بسلوكهم وقناعاتهم وتضحياتهم أنه منهاج عملي واقعي وأن الوصول به للغايات الكبرى ممكن وحقيقي.. قيمة هذه الميزة أن منطقتنا تعج بالمناهج الدخيل منها والأصيل والذي منحاه شكل درويشي أو نظري جدلي أو تطرفي دموي.. وقيمتها أن يؤمن الناس بالثورة وبقدرة شعوبنا على التغيير..  وليفرح الإخوان المسلمون وأحبابهم وأنصارهم وليس عليهم أن يتحرجوا من ذلك والاحتفال به لأن الله تعالى جنبهم وجنب مصر معركة مع الجيش والفلول – لو كانت النتيجة معكوسة – ولسنا ننسى كيف كان شفيق يتهدد ويتوعد ثوار التحرير بأنه سينهي اعتصامهم في ربع ساعة.. ذلك لا يعني إلا بحرا من الدماء.. فالذين في ميدان التحرير لم يخرجوا لمائة جنيه يرتزقونها.. وبالتأكيد لم يكونوا ليعودوا بوعد أو بوعيد.. وهم ليسوا كالذين كانوا في مدينة نصر الذين ما إن انتهى رئيس لجنة الانتخابات القاضي فاروق سلطان من إعلان فوز مرسي حتى انفضوا إلى بيوتهم خلال أقل من ساعة.. لقد جنب الله تعالى مصر والإخوان مواجهة لم يكن إلا الله تعالى يعلم ما كانت ستؤول إليه أو تنتهي عنده.. السؤال عندئذ لن يكون من الذي فاز ولا من الذي انتصر ؛ ولكن ؛ كم سيكون قتل من الأبرياء؟ وهل سيبقى الجيش المصري جيشا؟ وهل ستبقى مصر مصر التي نعرفها؟ والسؤال أيضا: هل كان الإخوان سيقفون متفرجين أم سيضطرون للدفاع عن الثوار والثورة وعن أنفسهم كما فعلوا يوم موقعة الجمل مثلا؟ لقد (كفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا) الأحزاب 25.  وليفرح الإخوان المسلمون وأحبابهم وأنصارهم لأن أمتهم فهمتهم واختارتهم وأحبتهم واقتنعت بهم رغم كل ما قيل ويقال وكتب ويكتب عنهم من تهديدات وتخويفات وتحليلات كلها إساءات وإشاعات وتشنيعات ومظالم ظلامات من دون أخلاق مهنية ولا أخلاق دينية ولا أخلاق إنسانية ولا تقيم اعتبارا لأخوة ولا لرفقة ولا لجوار ولا لوطنية عبر أكثر من ثمانين سنة.. فاز مرسي وفاز برنامج الإخوان رغم أن خصومهم كانوا – في الفترة الأخيرة - يصدرون في كل يوم ومع كل مفجر نهار ومغرب شمسه أكثر من 135 مقالة وأكثر من 250 صفحة جرائد وأكثر من 120 ساعة بث فضائي..  وليفرح الإخوان المسلمون وأحبابهم وأنصارهم بفوز مرسي الذي جاء محصنا بالاتفاق وعودة التفاهم والتنسيق مع القوى الثورية والإسلامية من سلفيين واشتراكيين وشيوعيين و6 أبريل وليبراليين وشباب.. اتفاق تجاوز النظريات والعاطفيات وسوء الظن إلى التعاون والتحالف وإلى توزيع الفعاليات وإلى تفاصيل المشهد وتجاوز الحاضر والمخاطر إلى أفق المستقبل وإلى الشراكة الحقيقية.. ليفرح الإخوان المسلمون بهذا الذي هو فكرهم ومنهاجهم ورغبتهم وقناعتهم وصورتهم الحقيقية التي طالما حال الظلاميون المستبدون والمتهرئون الفاسدون دون وصولها للناس.. الإخوان المسلمون لم يعودوا " ابن الضرة " المنبوذ عادة والمتهم دائما.. ومن لا يحبهم صار اليوم ينافقهم..  ليفرح الإخوان المسلمون وأحبابهم وأنصارهم لأن فوز مرشحهم يعني أن ثورتهم نجحت وسيكون لذلك أثره على مجمل حراكات المنطقة ؛ وعلى القضية الفلسطينية خاصة ثم على بقية الثورات.. ولأن روح الحرية والاستقلال والإحساس بالاحترام الذاتي كلها صارت مصطلحات سنراها ونسمعها في لغة الدبلوماسية المصرية بدلا من لغة " الفأفأة والتأتأة " ومنطق التبعية والسقوط والدولة الوظيفية التي كان يمكن أن تعود إليها مصر لو فاز المنافس الفلول..  آخر القول: إن فرح الإخوان فهم لا يفرحون بما يجمعون من فوز مرشحهم بالرئاسة أو مرشحيهم للبرلمان، ولا لأن منصب الرئاسة غنيمة غنموها أو " تورتة " تقاسموها.. ولا يفرحون لغفلتهم عما ينتظرهم من تحديات وإشكالات.. ولا يفرحون بالتهاني البروتوكولية التي رفعها زعماء ورؤساء عالميون للسيد مرسي بالمناسبة والتي تخفي وراءها ما تخفيه من كيد تليد ومكر أكيد.. وهم لا يفرحون لأنهم غافلون عن خطورة ما سيطالب به بعض المؤيدين والمتحالفين مما "يحتحت" المشروع.. كل ذلك في بال الإخوان المسلمين وهم يعبرون عنه ليل نهار.. ولكنهم يفرحون بنصر الله ينصر من يشاء، ويفرحون برحمة الله تعالى بهم، ورعايته لمصر خير أجناد الأرض.. (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) سورة يونس 58.