17 سبتمبر 2025
تسجيللقد كان تولي مرسي ونجاحه أشد اختبار ومسؤولية لقيادة بلد يعتبر ذا موقع استراتيجي مهم، لقد عانى الشعب المصري الكثير وشعر العرب بتحجيم وضعف مصر بعد اتفاقية كامب ديفيد التي حرمت مصر من الكثير وبعد المغامرات التي مرت بها أثناء 23 يوليو والقبضة الحديدية ولا شك أن مرسي هو أحد أكبر ضحايا هذه القبضة والكبت، ولذا فإن مسؤوليته كبيرة فهي أكبر امتحان للحركة الإسلامية في مصر التي عانت وظلت في صراع مع السلطة منذ 23 يوليو كمعارضة والآن هي في السلطة وكأن الشعب المصري يقول تفضلوا ماذا أنتم صانعون؟ هذه مصر أمامها ملفات عالقة أمام الرئيس المصري الجديد. وأول هذه الملفات الوضع الاقتصادي والديون والبطالة والخدمات العامة وقضايا الزراعة والصحة وبناء المجتمع الذي هو هم الشارع والذي أخرجه للثورة. والملف الثاني الوحدة الوطنية وجمع القوى والفئات والوفاق والعمل بالقواسم المشتركة وإشراك الجميع للم الشمل وتفويت الفرصة لمن يلعبوا بالأوراق لتفتيت وحدة مصر وكيف سيثبت وينجح مرسي كما قال بخطابه أنا رئيس لكل المصريين وتحويل ذلك إلى واقع. والملف الثالث أمن المياه للنيل ومحاولة جر مصر لمعركة المياه من خلال خطة تريد استفزاز مصر وإشغال جيشها بحرب لأجل أن يكون ضعيفاً أمام إسرائيل، ولذا كانت السدود والمطالبة بإعادة توزيع حصص المياه للنيل والذي هو شريان حياة مصر. والملف الرابع اتفاقية السلام وإصرار الدول الكبرى على أنه أهم الملفات لعلاقات شراكة وتعاون مع مصر والاطمئنان على ذلك، وهو ما أكده الرئيس مرسي مازال غير معروف طريقة ذلك وآلية وطبيعة العلاقات مع إسرائيل. والملف الخامس دور مصر القومي تجاه المصالحة الفلسطينية والتعامل بحياد كدول راعية بين القوى الفلسطينية ووجود سياسة تخدم مصالح مصر الدولية والتزام مصر بواجبها الأخوي نحو معاناة شعب غزة. وكذلك القضايا العربية والدور الإيراني الذي يهدد منطقة الخليج واليمن وسورية وكثيراً من البلاد وأن العرب يراهنون على قوة مصر وسندها أمام هذا الخطر وهو مفتاح إعطاء دور قيادي لمصر من العرب في عدة دول وألا تخسر مصر مرسي موقعا قياديا أمام الألاعيب والمغالطات في هذا الملف، كذلك مسؤولية إعادة دور الجامعة العربية وتنشيطها وإعطائها دورا واسعا في ظل الظروف الصعبة للقيام بواجبها للأخطار التي تهدد مستقبل الأمة برمتها. والملف السادس هو الملف الإفريقي وعلاقة مصر بدول إفريقيا والتعاون مع الدول العربية لدور ثقافي وفكري والاهتمام بهذه القارة والعودة إليها كعمق استراتيجي للعرب، فإفريقيا موقع مهم وتم تركها لإعداداتهم والانسحاب من هذا الموقع القوي، فإفريقيا موقع مهم ولابد من عودة الدور العربي بقوة. هناك تحديات كبيرة وتركة مثقلة أمام الرئيس المصري الجديد ولا يستطيع أن يقوم وحده بحلها، لذا فهو بحاجة إلى دعم جميع القوى الداخلية الوطنية بمختلف أطيافها على أن يجلس مع الجميع ويشركهم في هذه المهمة كمسؤولية وطنية. إن مستقبل الحزب والجماعة التي رشحت مرسي هو كيف سينجح أمام التحدي العملي والتنفيذي للبرامج والملفات الساخنة فهو يحتاج إلى أن يقنع الآخرين بالعمل معه وأن يثبت أنه رجل دولة وليس رجل حزب وأن ما شكا منه ومن معه سنوات لن يتكرر. عليه أن يقدم نموذج عملي ويستطيع ذلك إذا فتح بابه للمخلصين ومد يده لمن يحبون مصر وعاش بواقعية وتحمل المسؤولية التي تحداه بها خصومه. لا شك أن رموز النظام السابق يتمنون فشل مرسي ويراهنون على ذلك حتى يقولوا للداخل والخارج انهم حزام الأمان، فعلى مرسي أن يعرف أن قوته الحقيقية في الداخل والخارج وأن يزيل المخاوف التي روج لها خصومه، ففي الداخل ينتظر الجميع من مرسي أن يشارك الجميع ممن قاموا وشاركوا بالثورة وبالفئات التي ذكرها بخطابه وأن يدفع الجميع للعمل للنهوض بمصر وأن يبدأ ثورة حقيقية ضد البيروقراطية والنظام الإداري القديم ويبني نظام المؤسسات ويستعين بالخبراء في هذا المجال، إن قيام دولة حديثة في مصر ودولة مؤسسات سيساعد في نهضتها، أضف إلى أن مصر تحتاج إلى دعم الدول العربية وبالأخص دول مجلس التعاون الخليجي التي لطالما وقفت مع مصر في الشدائد وهي الداعم المخلص لمصر في التنمية والسند والعضد لها وهي قوتهم وهو قوتها لا يستغني كل منهما عن الآخر والمأمول أن يقدم رئيس مصر التطمينات وأن يثبت أن أمن الخليج هو أمن مصر وأنه لن يسمح بالمساس باستقرار وسيادة هذه الدول وسيجد قلوباً مفتوحة ودعماً وسنداً، فوراءهم الأشقاء والأصدقاء والأخوة المحبون لمصر بصدق وألا يستمع للمهرجين الذين ضاعت عقولهم ويريدون أن يرهنوا مصلحة مصر في الجواد الخاسر الذي يعرفه الرئيس مرسي ان تحالفاً خليجياً – مصرياً – تركياً، سيؤدي بلا شك إلى استقرار المنطقة وحمايتها. على الرئيس مرسي أن يثبت نجاحات فشل السابق فيها. بالإضافة إلى علاقة مصر الدولية على مستوى الاتحاد الأوروبي ودول مجلس الأمن والولايات المتحدة والمؤسسات الاقتصادية الدولية، كالبنك الدولي والصناديق لها أثر كبير في نجاح فترته وسيكون بذلك كما قال في كلمته التي تريد أن تتحول لواقع وذلك لن يكون إلا بالخبرة والمستشارين وأهل الحل والعقد الذين يجب أن يبحث عنهم وسيجدهم وهم مغمورون وهمشوا في الماضي ولا شك أن الاستفادة من أهل التجارب والحل والعقد هي عين الصواب. إن مصر المعروفة بامكاناتها ودورها القيادي مستهدفة من أعداء كثيرين يريدون لها التقزم والضعف وأن تبقى مشغولة بنفسها وأن تفقد مكانتها حتى يقوموا بهذه الدول.. لذا فإن أمام الرئيس مرسي قوة ثلاثية الدفع المصلحة الوطنية المتمثلة بالوحدة الداخلية والعمل المشترك على ضوء الوفاق، والدول العربية ممثلة في الجامعة العربية وبالأخص دول مجلس التعاون وإفريقيا، وعليه أن يستفيد من تجربة تركيا التي نجحت في وضع مصالح بلادها، وكلنا أمل أن تعود مصر لدورها وتتعافى وتبدأ إشراقة المستقبل وتصلح ما مضى وألا يضيع الرئيس مرسي وحزبه الفرصة بتقديم المشروع الحضاري وأن يكونوا في مستوى التحدي والمسؤولية.