10 سبتمبر 2025

تسجيل

البورصة المصرية تتنفس الصعداء بعد تجميد الضريبة

27 مايو 2015

تنفست البورصة المصرية الصعداء أخيرا بعد تراجع الحكومة وتجميد الضريبة الرأسمالية وتأجيل التنفيذ لمدة عامين، وهذا يؤكد ما طالبنا به في جريدة "الشرق" في عدة مقالات منذ أن تم تطبيق الضريبة وحتى قبل تطبيقها في يوليو من العام الماضي تحت عنوان "الضريبة على البورصة.. بين المكاسب والخسائر" و"الضرائب وتحديات الاستثمار في البورصة" وإن كانت الاستجابة بطيئة ومتأخرة، نتيجة لعدم فهم واقع البورصات وآليات جذب الاستثمار ونقص الخبرة في إدارة البورصة والتعرف على الأسواق المنافسة، إلا أنه أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي كما يقال، على أن ذلك سمة العقليات البيروقراطية التي تحتاج إلى الدق الشديد والمستمر على رأسها حتى تفيق وتعود إلى صوابها، حيث لم تجد كل التحذيرات التي سقناها لصالح البورصة وجذب الاستثمارات وإنقاذها من التدهور، حتى تم شطب الشركة المصرية للاتصالات من مؤشر"مرجان استانلي الدولي" وأصبحت البورصة مهددة بالشطب من البورصة العالمية إذا تم شطب شركة مصرية أخرى من المؤشر، وقد ثبتت الأضرار التي لحقت بالاستثمارات خلال الفترة التي أصرت فيها الحكومة على تطبيق الضريبة، كما لم تساهم الضريبة بشكل فعال في سد عجز الموازنة العامة للدولة، حيث كانت تتوقع وزارة المالية المصرية حصيلة متوقعة من الضريبة بنحو 10 مليارات جنيه في الموازنة الحالية، ولكن على أرض الواقع لم تحصل سوى نصف مليار جنيه فقط، فأصبحت الخسائر والأضرار أكبر من المكاسب، مما يؤكد خطأ قرار تطبيق الضريبة منذ البداية ثم إصرار الحكومة على الاستمرار في الخطأ، وعدم تقدير الآثار الاقتصادية للضريبة على البورصة والدولة بصورة صحيحة بعد أن صارت طاردة للاستثمار وتسببت في كل هذه الخسائر، التي بدأت معها أزمة البورصة المصرية، في وقت لا تطبق فيه أي من دول المنطقة تلك الضريبة، لأن خضوع التعاملات في البورصة المصرية منفردة على هذه الضريبة إلى تدني قيم التداول أو هروب المستثمرين للأسواق المجاورة وضعف الإقبال أو الشهية الاستثمارية، مما يؤثر سلبيا على سمعة البورصة والمناخ الاستثماري، وكانت الحكومة قد انصاعت لمطالب صندوق النقد الدولي بفرض الضريبة لسد العجز في الموازنة، مما حدا بالصندوق بانتقاد قرار التأجيل والشعور بخيبة الأمل، رغم أن قرارات أو توصيات صندوق النقد ليست دائما صائبة أو تحقق المصالح الوطنية، فقد توصلت مصر إلى اتفاق بشأن قرض البنك الدولي مرتين منذ عام 2011، إلا أنها سحبت الطلبات واستعانت بدعم من دول الخليج، لتلبية احتياجاتها المالية، بدلا عن صندوق النقد الدولي، وقد برر المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء أن إيقاف العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية لمدة عامين، تم بغرض الحفاظ على تنافسية سوق المال المصري والاستثمارات به، وذلك في ظل الجهود المستمرة في الإصلاح الاقتصادي، مع الأخذ بعين الاعتبار كافة الآثار المترتبة على الاقتصاد المصري، ومناخ الاستثمار وقدرته على جذب الاستثمارات، وهذه هي المبررات التي سقناها قبيل إقرار هذه الضريبة وعند تطبيقها، والتي لم تعيها الحكومة وتجاهلتها تماما، حتى بدأت تجني ثمارها السلبية على المستويين المحلي والدولي، حتى هوت وتراجعت مؤشرات البورصة بشكل جماعي، وتأثرت بمبيعات المستثمرين الأجانب، حتى تجاوزت الخسائر أكثر من 30 مليار جنيه مؤخرا وفقدت ثقة المستثمرين، في تقييمهم للاستثمار بسوق المال بصفة عامة، خاصة مع التخبط في إصدار التصريحات التي أكد خلالها وزير المالية عدم إلغاء الضرائب المفروضة قبل يومين فقط من قرار تجميد الضريبة، والخطير في الأمر أن يحدث ذلك في الوقت الذي تنادي فيه الدولة لزيادة الاستثمارات، لتقابله الحكومة بتناقض غريب في الرؤى السياسية والاقتصادية في تطبيق ضريبة تسعى لإفشال البورصة كأداة مهمة لتمويل المشروعات القومية والشركات العاملة بمصر، والأخطر هو ما استجد من مخاوف من جراء التهديد من شطب البورصة المصرية من قائمة مؤشر مؤسسة "مورجان ستانلي" للأسواق الناشئة في المراجعة الدورية المقبلة نهاية ديسمبر المقبل، وهو ما سيكون له مردود سلبي على مستقبل البورصة وسيخلق عمليات بيع مكثفة وتخارج من قبل المؤسسات الدولية من البورصة المصرية وهذه كارثة حقيقة إذا حدثت لأن المستثمرين الأجانب يأخذون من هذا المؤشر بوصلة لتحديد اتجاه استثماراتهم في البورصات العالمية، وهذا يدفع المستثمرين العرب والأجانب للهروب لأسواق أرخص لا تفرض ضرائب، بالإضافة إلى أن ذلك قد يشجع المتعاملين في البورصة للدخول في أوعية استثمارية غير شرعية، بما يؤدي إلى تخفيض الادخار والاستثمار بالتبعية.