26 أكتوبر 2025
تسجيلخليفة حفتر.. لواء متقاعد من الجيش الليبي، بدأ حياته مع القذافي منذ ثورته على الملك إدريس السنوسي، ثم أصبح تابعا للقذافي ينفذ له كل جرائمه، وكان أشهرها جريمة احتلال تشاد التي نفذها حفتر استجابة لأمر سيده القذافي، ولكن القذافي تخلى عنه عندما أسره التشاديون في معركة وادي الدوم سنة ١٩٨٧م.. ولكن أمريكا التي كانت عدوا للقذافي آنذاك، ساهمت في الإفراج عنه مع بقية الأسرى الليبيين الذين أسروا معه لعلها تستفيد منهم مستقبلا ونقلتهم جميعا إلى أمريكا، وخصصت لحفتر سكنا في ولاية فرجينيا، ومنحته الجنسية الأمريكية، ومنذ ذلك اليوم وهي ترعاه رعاية خاصة كي يحقق لها ما تريد وفي الوقت المناسب !! جريدة الجارديان البريطانية أكدت أن حفتر كان يتعاون مع الــ cia ومنذ إقامته في أمريكا التي استمرت لمدة عشرين عاما تقريبا، كما ذكرت - أيضا - أن وكالة المخابرات الأمريكية دربت حفتر ومجموعته على أساليب القتال وكذلك على أساليب التخريب كي تستخدمه في الإطاحة بالعقيد القذافي عندما تحين الفرصة لذلك، (الواضح أنها لم تعطه دروسا في الذكاء)، ولكن الشعب الليبي هو من أطاح بالقذافي وفقد الآلاف من أبنائه في سبيل ذلك، ولم يكن لحفتر أي نصيب من تلك المشاركة بصورة فعلية، وبعد ذلك كله، وبعد زوال القذافي، وجد حفتر نفسه في الصفوف الخلفية، ولأنه كان يطمع بغير ذلك، ولأن آخرين رأوا أنه قد يحقق مآربهم في ليبيا فقد ساعدوه ودفعوا به ليظهر مدعيا أنه يريد إنقاذ الثورة ومحاربة الإرهاب الذي انتشر في ليبيا!! كل المؤشرات تؤكد أن حفتر ما كان ليجرؤ على إعلان تمرده على الحكومة الليبية المنتخبة من الليبيين لولا الدعم المالي واللوجستي الذي وصله فعلا أو الذي وُعد به في حال ثبوت تمرده فترة كافية!! فجريدة الجارديان البريطانية نقلت عن مسؤول أمريكي قوله: إن أمريكا لا تقف مع حفتر حاليا لكنه إذا أثبت جدارته في الانتصار على الإسلاميين فلن نستطيع تجاهله!! (الراجح أن أمريكا لها ثأر مستمر مع الإسلاميين في كل أنحاء الدنيا)، والغريب في أمريكا أنها عجزت عن تربية مواطنها (حفتر) على أصول الديمقراطية التي تدعيها رغم أنه أقام فيها عقدين من الزمن، ومنحته جنسيتها لكنها - ولست أدري ما السبب - عجزت عن منحه الثقافة الأمريكية التي تحترم الديمقراطية بكل قيمها مما جعل الرجل يحتفظ بثقافة الاستبداد والجهل التي رضعها من سيده الأول (القذافي)!! وكان من واجب أمريكا الديمقراطية أن تعاقبه على ثورته تلك لأنها جاءت ضد حكومة منتخبة من الشعب، لأن فعله يتعارض مع الديمقراطية!! والسؤال: هل كانت أمريكا ستسمح له بممارسة نفس الفعل لو أنه قام به في أمريكا؟! وإذا كنا نعرف أنها لن تسمح له بذلك فلماذا تشجعه على ممارسة فعل مشين في دولة أخرى ؟ والأسوأ من هذا كله؛ لماذا تشجع دولا أخرى على تمويله بالمال والسلاح لقتل الأبرياء والاستيلاء على السلطة بقوة السلاح؟!! حفتر يريد الاستيلاء على الحكم بالقوة، وربما رغب في تطبيق تجربة جيرانه، فأعلن أنه إنما خرج استجابة لمطالب الشعب (مسكينة هي الشعوب كل شيء يؤخذ باسمها ولا تعطى منه شيئا غير القتل والسجن والتجويع!!)، كما ادعى أنه يريد إنقاذ ليبيا من الإرهابيين الذين يقتلون الشعب والشرطة والجيش!! (هذا الادعاء مارسته إيطاليا عندما احتلت ليبيا.. فعندما قاومها البطل عمر المختار ثم استطاعت أسره- أعلنت الخبر في جريدة: بريد برقة الليبية، وجاء فيه: تم القبض على زعيم العصاة عمر المختار في برقة والهدف توطيد السلم في البلاد!!)، ثم سار على نهج إيطاليا كل دعاة الثورة المزيفون، فكل هذا النوع من الثوار يريد تحقيق الأمن والسلم والحياة الكريمة للشعب المسكين!! ولكن: ماذا يريد حفتر من تمرده على حكومة ليبيا المنتخبة من الشعب الذي ادعى أنه يريد إنقاذه؟! يقول حفتر: إنه سيترشح لرئاسة ليبيا وأنه سيعيد الاستقرار للبلاد!! وإذا كان الأمر كذلك وأن عمله من أجل الشعب فلماذا لا يترشح للانتخابات مع غيره، فإذا كان الشعب يحبه فسينتخبه وعندها يستطيع تحقيق طموحاته في الإصلاح!! ولكن.. ولأنه يعرف أنه يستحيل عليه الفوز- لأن الليبيين يشكون في ولائه لوطنه- كما يعرفون ارتباطه مع المخابرات الأمريكية، وأيضا يعرفون أهداف من يدفع له الأموال، فلهذا كله وجد أنه لا يستطيع الوصول إلى الحكم إلا على دماء الليبيين وبالقوة !! هذا إذا استطاع !! وبالتالي لم يجد أمامه إلا استخدام القوة وكل الوسائل الأخرى التي قد تساعده في الوصول إلى أهدافه.. يروي العقيد سالم الورفلي أن حفتر قال له: إنه مستعد للتحالف مع إسرائيل للقضاء على الإسلاميين!! ولأنه مستعد لفعل أي شيء لكي ينال السلطة.. وإنه وعلى لسان المتحدث باسمه قال: إنه - ومن باب العشم - يود من الجيش المصري أن يساعده في مهمته!! (يعني أنه يريد من جيش دولة أخرى التدخل في بلده والمساعدة في قتل شعبه كل ذلك ليصبح رئيسا).. وأستغرب من عسكري مثله كيف يجهل أن هذا الطلب يعد خيانة عظمى في كل دول العالم بما فيها بلده أمريكا وأيضا ليبيا وكيف يقبل فعل ذلك؟ والغريب أيضا كيف لم يتنبه الذين وافقوه على الخروج على دولتهم المنتخبة على هذا العمل المستنكر الذي يريد منه فقط الوصول إلى السلطة مهما كانت الوسائل؟! أحمد قذاف الدم وهو ابن عم القذافي والمشارك له في معظم جرائمه، التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الليبيين، سارع إلى تأييد حفتر، وقال: إنه يعيد صناعة التاريخ، كما أنه يستعيد كرامة الجيش، وأن هناك دولا تدعم ثورة حفتر!! والواضح أن تأييد قذاف الدم المقيم في مصر له دلالات كبيرة على طبيعة تمرد حفتر ومؤيديه!! حفتر يريد السلطة رغم أنف الليبيين، ولأن هناك دولا أخرى تريد إجهاض طموح الشعب الليبي في اختيار من يحكمه، كما تريد في الوقت نفسه أن تحقق مصالحها من خلال شخص تدعمه للوصول إلى السلطة فقد وجدت فيه بغيتها!! هو سيستفيد ولكنه سيفيد من دعموه في الوقت نفسه!! أما الشعب الليبي وهو الأهم فهذا ليس له قيمة في حساباتهم جميعا!! ويبقى السؤال الأهم: هل سيسمح الليبيون للسيد حفتر أن يحقق أهدافه وأهداف الدول التي تساعده على حساب حياتهم وأمنهم واستقرارهم؟! هل يدرك الليبيون أن بلدهم قد تتمزق، وأن الحرب الداخلية بينهم قد تحصد عشرات الآلاف من أرواحهم؟ وهل يدركون أن هناك من يطمع في ثرواتهم سواء من الداخل أو الخارج، وأن هؤلاء سيحققون مآربهم لو استطاع حفتر تحقيق أمانيه؟ الليبيون وحدهم هم القادرون على وقف هذه المهزلة، فالاستخفاف برغباتهم وإرادتهم بل وحياتهم أيضا ليس أمرا هينا، ولهم أن يتخذوا القرار الذي يحقق أمنهم فعلا....