14 سبتمبر 2025
تسجيلأمر على واحد من بلاد الربيع العربي أسأله: كيفك تمام؟ (مبتردش ليه) مكشر ليه؟ زعلان من إيه؟ ساكت ليه؟ يائس؟ قرفان من إيه؟ تعبان في شغلك؟ مادام بتتنهد يبقى العلة في شغلك، طيب اسمح لي أسألك أنت شجاع؟ جرئ؟ قيادي؟ لديك أساليب طموح للعمل ولا أحد يسمعك؟ عنيد في طلب حقك مهما كانت النتائج؟ ليس في قاموسك (نعم سيدي) لا تنحني إلا في الصلوات الخمس؟ إذا تخطاك مديرك وتجاهل ترقيتك لأنك (فاقع مرارته) بلسانك الطويل في الحق تطلب مقابلة الوزير؟ كل إجاباتك (نعم) طيب أبشر أنت أول اسم في قائمة المركونين على الرف؟! ليه؟ (ما لهش) أنت غير مطلوب في أي عمل مهما كنت جهبزاً، وما جابتك بطن، معلوم أنك تقرأ كثيراً في حقوق الإنسان وما يجب أن يكون عليه طقس العمل من أمان، معلوم أنك موظف تؤمن بديمقراطية ينبغي أن تسود وهنا نتوقف لنفتح موضوع (التحول الديمقراطي) الذي يجد عالم بلاد الربيع العربي صعوبة بالغة في قبوله وتنفيذه، وإذا تتبعنا بداية الأمر سنجد أن سلاسل التبعية بالمؤسسات، والدوائر، والقطاعات المختلفة تجعل من العلاقة بين الرئيس والمرؤوس علاقة (سيئة السمعة) بكل ما فيها من اضطهاد، وفوقية، وقهر، وتعسف، وهيمنة من أرباب العمل لمرؤوسيهم، فمدير المؤسسة صورة من رئيس الدولة الذي ينصب نفسه واحداً لا شريك له، بعينيه يقول للتابعين المرؤوسين (ولا كلمة ولا نفس) فيجد السمع والطاعة طوعاً أو كرهاً بدوافع كثيرة منها (اربط الحمار مطرح ما يقولك صاحبه) ومنها (مالنا ومال المشاكل عايزين ناكل عيش) ومنها (السكوت من دهب) حفاظاً على الكرامة من دخول (الغرامة) عصا غليظة تنزل على رأس من يحاول رفع رأسه ليقول شيئاً، لينتقد وضعاً، ليصحح مفهوماً، ليعدل مقلوباً، وتكر السنوات بوضعية التابعين وكبيرهم الذي بيده دائماً سوط لا يترجل، وتعتاد الرؤوس على وضع التنكيس، وحاضر حاضره دائماً قبل أن ينطق السيد، وتنزوي الكفاءات، ويغيب عنها التقدير ليكون من نصيب أصحاب كروت (الواو) وتغيب الرغبة في الابتكار، والتجديد، ويصبح هم التابعين حمل المباخر خلف المسؤول ورفع عقيرتهم بالتمجيد! وتئن دواخل المرؤوسين أينما كانوا بالتذمر والشكوى وعلى الأفواه (بلاستر) يمنع الكلمة والنسم، المطلوب الخضوع التام (للكبير) بغض النظر عن خططه وأفكاره، إن كانت في صالح الوطن الكبير أو (توديه في ستين وسبعين داهية) وتتعود المجتمعات على السمع والطاعة دون نقاش لتفر العقود خلف العقود والوطن الكبير (محلك سر) لا تنمية، ولا نماء، ولا ازدهار، ولا تقدم خطوة، قلة تنهب من خيرات مواقعها ليعشش الفساد، ويصبح في كل موقع (فرعون) صغير يعاون في النهاية الفرعون الكبير ليكونوا جميعاً عصبة غليظة تحكم قيدها على وطن بكامله! هذا هو طبق الأصل وضع بلاد الربيع العربي التي عندما ضاقت رقاب ناسها بألم القيد كسروه في ثورة كانوا يظنون أنها المخلصة من أوجاع كل أشكال القهر وقد تطلعوا إلى ما يسمى بديمقراطية تسقط معاناتهم الطويلة، فإذا بهم يصطدمون بحقيقة أن المجتمع كله غير مؤهل لاستضافة الديمقراطية المزعومة وليتأكد الطامحون إلى غد أفضل أنهم خارجون من مجتمع مغلق لا يعرف كيف يختلف، ولا على ماذا يتفق، يعيش برواسب عقود من الخضوع، يصعب التخلص منها ومفاصل الوطن مازالت ممتلئة حتى النخاع بفاسدين يؤلبون الشارع ويدافعون عن مصالحهم بضراوة لا هوادة فيها مسخرين أموالهم، وبلطجيتهم، وقنواتهم المغرضة لتكون ذراعاً تضرب الوطن كل يوم في مقتل بسموم يروجها (القابضون على الدولار) من مذيعين ومذيعات. •طبقات فوق الهمس: •كيف لا نطالب بتغيير اتفاقية كامب ديفيد ودخول أي قوات إلى سيناء يحتاج إذناً من إسرائيل؟ كيف لا ندرك حظر أن تكون سيناء مكشوفة بدون قوات لتكون مسرحاً للمجرمين والخاطفين والمقايضين عوضاً عن أطماع عدونا التاريخي؟ •كيف لم تنتبه للفرق؟ جرب أن تقول لفلان عبارات المديح والثناء والإطراء، جرب أن تريه انبهارك بكل ما يقول ويفعل، جرب وسترى ابتسامته وقد ملأت شدقيه وستكون عنده الأثير، القريب، الحبيب، وجرب لو قلت لنفس (الفلان) إن به من الخصال غير الحميدة ما تكرهه، جرب أن تصارحه بأنه بخيل، أو مغتاب، أو لا يحفظ عهداً، أو لا يؤتمن على سر، جرب لترى بوزه شبرين وما أن يلمح طلعة حضرتك حتى يدير لك ظهره وكأنك هواء! كيف لم تنتبه للفرق؟ •كيف لم ننتبه لثقافتنا الغذائية؟ لا أكاد أرى طفلاً في متنزه أو مكان للترويح إلا ووجدت الشبسي في يد والببسي في الأخرى، هل فكرنا بتحذير أطفالنا وتوعيتهم من (بلاوي) الشبسي والببسي، والفاست فود، والملونات؟ أعجبتني جداً وهي تنهر صغيرها حازمة مفيش ببسي ولا شبسي، بكى لم تكترث، ألقى بنفسه على الأرض وراح (يرفس) لم تكترث، تركته يصرخ متشبثاً بطلبه وسبقته بخطوات غير مبالية، عندما أدرك أنه عاجز عن ابتزازها بصراخه قام وتبعها زي الأرنب! نعم التربية حزم. •كيف نرفض الحق؟ كيف نؤنب من يقوله صادقاً بالعبارات المحفوظة انت حتعلمني؟ انت بتوجهني؟ انت حتعمل فيها أستاذ علينا، كيف لم نفطن إلى قول معلم البشرية الجميل صلوات الله عليه وسلامه (الكبر بطر الحق وغمط الناس) .