13 سبتمبر 2025
تسجيلعقد بالعاصمة القطرية الأسبوع الماضي منتدى الدوحة، والذي أصبح علامة فارقة في نشاط ودبلوماسية المنطقة، حيث يحظى باهتمام من رأس الدولة في قطر حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ويشارك فيه مسؤولون من كافة دول العالم، ويتميز بجرأة وتنوع في طرح المواضيع: ندوات عن الربيع العربي، وأخرى عن الأزمة الاقتصادية العالمية وواحدة عن التحديات التي تواجه العالم العربي حضرتها ودهشت أنه لم يكن بين محاضريها أحد من العرب! خلالها استمعت لمشاركة السير شيرارد لويس كوبر الممثل الخاص لوزير الخارجية البريطاني سابقاً إلى أفغانستان وباكستان، وقد قال كلاما عزز من مخاوفي على مستقبل المنطقة. اعترف بفشل كافة الحملات العسكرية الاستعمارية بالمنطقة بدءا بفلسطين التي تركها البريطانيون بعد أن وعدوا بوطن لليهود فيها، مرورا بعدن وحضرموت التي كانت بريطانيا الاستعمارية قد أعلنت أنها لن تنسحب بأي حال من الأحوال منها-أي من جنوب الجزيرة العربية، وانتهاء بالعراق وأفغانستان حيث انتهى المطاف بالبريطانيين والأمريكيين "يجرون أذيال الخيبة"- والكلام هنا ترجمته حرفيا كما قاله السير كوبر. أضاف السير مطالبا بتخلي الغرب التام عن المنطقة العربية حتى تحل مشاكلها بنفسها، وبأن الغرب مهما حسنت سياساته فإنه لن يكون مقبولا تدخله بالمنطقة التي تعيش مرحلة مخاض تاريخية هامة. وختم مداخلته بخلاصة مرعبة مفادها أن المنطقة مقبلة على "شتاء بارد مظلم وطويل"-والتعبير هنا أيضا للسير نفسه! أي أنه بعد الربيع العربي ستدخل المنطقة بمرحلة "صقيع عربي" لا أحد يعلم مدته أو مدى دمويته. بندوة عن الإسلاميين بالحكم، شارك مجموعة من الإخوان المسلمين بمصر وتونس، وعلقت بعد حديثهم أن هذه الندوة ما هي إلا "بروباجندا لديمقراطية الإخوان وهم ليسوا كذلك". بنفس الندوة، اعترض مشارك سوداني على اعتراضي: أعطوهم فرصة. نسي الأخ أنهم يحكمون السودان منذ عام 1989 وإيران منذ عام 1979 والعراق منذ العام 2004! المنتدى كان تظاهرة فكرية وتثقيفية رائعة، لكن "الحلو ما يكمل" كما يقول المثل، فالعنصر الخليجي المشارك- وبالذات القطري- كان نادرا، وخلا المنتدى من مواضيع خليجية صرفة، بل كان الخليجي غائبا في ندوات مثل الإعلام الرقمي، حيث شارك بهذه الندوة خبراء متميزون عرب وأجانب، لكن الخليجيين السباقين بمجال الإعلام وبالذات الرقمي منه، لم يكن لهم وجود. الأمانة تقتضي أن نذكر أن بعض القائمين على تنظيم المنتدى الذين ناقشتهم كانوا يتمتعون بسعة صدر وقدرة على انتقاد الذات، فلقد لاحظ بعضهم ما لاحظته وذكرته، وهذه تسجل لهم والأمل أن يتم تفاديها مستقبلا. أصبح منتدى الدوحة من المحطات المهمة للنشاط السياسي والثقافي على مستوى المنطقة ولا أبالغ إن قلت على مستوى العالم، وتقبل القائمين عليه للنقد والملاحظات دليل على أن كل ملتقى سيكون أفضل من سابقيه.