18 سبتمبر 2025
تسجيلتحكي الأسطورة الإغريقية القديمة انه كان هناك رجل شديد الجمال والاعتزاز والافتخار بالنفس. وان هذا الرجل كان ممتلئاً بالغرور والعظمة، وفي ذات يوم وهو يسير بجانب النهر نظر إلى صفحة الماء فوجد فيها وجه رجل شديد الجمال وهو لايدري أنها صورته هو، فحاول الاقتراب اكثر واكثر من هذا الرجل الجميل حتى وقع بالنهر فمات — وكان هذا المكان بجانب زهرة النرجس — ومن هنا اطلقوا هذا المسمى على شخصية هذا الرجل المعجب بنفسه والمغرور بجماله. ولقد لاحظ اطباء النفس أن سمات الشخصية النرجسية لا تبعد كثيراً عما حكته الاسطورة القديمة. فمعظم الأشخاص يتميزون بتضخم في الذات واحساس شديد بالعظمة ورؤيتهم لأنفسهم بأنهم مميزون وانهم لايخطئون. وبناء عليه تنعكس هذه الصفة الأساسية على معظم تصرفاتهم — فنراهم بشكل عام يتأنقون في ملابسهم ومظهرهم وجمالهم حتى يبدوا أمام الآخرين في احسن حلة واجمل منظر. كما نراهم دائما يحاولون جذب اهتمام الآخرين بالمظهر والكلام والحركات، حيث يشعرهم هذا الاهتمام بالسعادة والراحة الشديدة. وقد يؤدي احساسهم بالعظمة هذا إلى أن يتعدوا الخطوط الحمراء في المناقشة أحيانا بحيث يصير حديثهم مزعجاً للآخرين من حيث نبرة الصوت أو استخدام كلمات من شأنها إهانة الآخرين أحياناً ولكن المشكلة الحقيقية آنذاك انهم لا يشعرون بخطئهم تجاه الآخرين وهذا ما يدفعهم إلى إعادة ممارسة نفس السلوك بشكل متكرر في الحياة، مما يجعل الآخرين ينفرون من الحديث معهم أو من صداقتهم. ايضاً الصفات المميزه لهذه الشخصية النرجسية أن اصحابها دائماً يركزون على عيوب ونواقص الآخرين. ودائماً ما يبدأون بالنقص والهجوم على الآخر. بينما هم من نوعية البشر الذين لا يتحملون، بل لا يقبلون النقد على الإطلاق، حيث انهم كما اشرنا سابقاً يعتدون بأنفسهم بدرجة كبيرة ويرون دائماً انهم على حق — وان ما يفعلونه دائماً هو صحيح، وانهم بالطبع لا يخطئون. وبالتالي فإنهم يشعرون بالإهانة عند توجيه اللوم او النقد لهم، وغالباً ما يرتد ذلك على الآخرين حيث يعتقد غالباً اصحاب هذه الشخصية أن من يحاولون إسداء النصح لهم هم الأشخاص الذين يغيرون منهم ويحقدون عليهم لذكائهم وجمالهم وانهم يحاولون توجيه اللوم لهم من باب المؤامرات التي يحيكونها لهم. ولذا نراهم دائماً يردون بغلظة وخشونه تصل احيانا إلى درجة العنف تجاه اي شخص يحاول توجيه النصح أو اللوم لهم. وللاسف فإن الغلاف السميك الذي يعيشون خلفه لا يرون منه الا ما يريدون أن يروا فقط من حسن جمالهم وذكائهم وقدرتهم على اقناع الآخرين. ولهذا ومع مرور الزمن تتعقد مشاكلهم في الحياة ويزداد انعزالهم عن الناس وتصبح حياتهم أقل سعادة.