11 سبتمبر 2025

تسجيل

سبل تصحيح صورة الإسلام وبناء حوار فعال مع الآخر (2)

27 أبريل 2018

يعتبر الحوار مع الغرب تحديا كبيرا يواجه كل مسلم في القرن الحادي والعشرين. ونجاح الحوار يتوقف على استعداد الطرفين للتحاور والتفاهم. والمقصود بالاستعداد هنا هو نية الحوار وإرادة فهم الآخر ومحاولة التعرف عليه واحترامه. كما يقوم الحوار على الاحترام المتبادل والإنصاف والعدل ونبذ التعصب والكراهية. وحتى يكون الحوار ناجحا يجب أن يكون كفؤا ومتوازيا بين الطرفين. ما نلاحظه اليوم بين الإعلام العربي والغرب هو سيطرة الصناعات الإعلامية والثقافية الغربية وخاصة الأمريكية منها على تدفق الأخبار والمعلومات في العالم. هذا الوضع جعل الإعلام العربي نظاما تابعا ومستهلكا غير قادر على الحوار والنقاش ومواجهة الآلة الإعلامية والدعائية الغربية. فالوضع الراهن يتطلب استثمارا منظما ومنهجيا في الصناعات الإعلامية والثقافية لتقديم مخرجات إعلامية وثقافية وعلمية تخاطب الآخر بلغته ومنطقه وتبصره بالأدلة والبينة والحجج والبراهين بواقع الإسلام والمسلمين وتاريخ الحضارة الإسلامية. فيما يلي، وإضافة إلى ما أشرنا إليه في مقال الأسبوع الماضي، نستعرض جملة من الإجراءات التي يجب أن تقوم بها الدول العربية والإسلامية لبناء حوار فعال لمواجهة الوضع غير السوي ولتقديم الصورة الحقيقة للإسلام والمسلمين وللرد على الأساطير والأكاذيب في حق الإسلام والمسلمين. 6. الاستثمار في الصناعات الإعلامية والثقافية: إذ يجب توجيه المزيد من الاهتمام بالصناعات الثقافية والإعلامية في الوطن العربي والإسلامي. وزيادة المنتج الثقافي والإعلامي العربي والإسلامي الذي يعنى بتصحيح الصورة. 7. استخدام وسائل الإعلام الجديدة واستغلال التكنولوجيات الجديدة للإعلام والمعلومات للوصول إلى الآخر ومخاطبته سواء من خلال الانترنت أو "المدونات" Blogs أو البريد الإلكتروني...الخ. 8. تجديد الخطاب الديني لمواكبة منطق العصر ولغة العصر ووسيلة العصر والابتعاد عن الركاكة والرتابة والروتين والتكرار والارتجال، مع الحرص على تقديم الرسالة الدينية بأسلوب المنطق وهندسة الإقناع وعرض وتقديم المادة الإعلامية بعدة لغات سواء عن طريق الفضائيات أو الانترنيت أو الصحف والمجلات العالمية...و غير ذلك من الوسائل والقنوات. كما يجب على العلماء والفقهاء ورجال الدين تقديم خطاب ديني عصري يتماشى مع التحديات التي تعيشها البشرية في القرن الحادي والعشرين، ويسعى لبناء جسور الحوار والتفاهم بين شعوب العالم. 9. إنشاء بنك معلومات عن انجازات العرب والمسلمين وإسهاماتهم في الحضارة العالمية وكل ما يساعد في بناء رسالة إعلامية قوية تساعد في الرد على التشويه والتضليل والصور النمطية. 10. إنشاء مركز دراسات مستقبلية يعنى باستشراف واقع ومستقبل العرب والمسلمين ويرسم سيناريوهات بديلة لسبل التفاهم والحوار بين العرب والغرب. 11. الاستثمار في العلاقات العامة والدبلوماسية العامة: فالمؤسسات الدينية والمراكز الإسلامية والجامعات الإسلامية كلها بحاجة إلى جهاز علاقات عامة للوصول إلى ذهن الآخر وإقناعه بالبينة بماهية الإسلام وعظمته وعالميته. 12. تفعيل دور الدبلوماسية العربية في محاورة الآخر وبناء جسور العلاقات الطيبة معه وتخليصه من الأفكار المسبقة والصور النمطية والأكاذيب والأساطير التي رسخها في ذهنه الإعلام الدولي. 13. تفعيل الحوار مع المجتمع المدني في الدول الغربية (جمعيات،أحزاب، نقابات، منظمات غير حكومية، أندية...الخ): هناك قطاعات عديدة في المجتمع الغربي لو عرف العرب والمسلمون كيف يتعاملون معها لاستطاعوا الحصول على تأييدها ودعمها لهم في خدمة القضايا العربية والإسلامية. فهناك هيئات مختلفة من المجتمع المدني في الغرب تقف ضد العولمة وضد الحرب الأمريكية البريطانية في العراق وضد جرائم الكيان الصهيوني في فلسطين وضد العنصرية والتمييز والتفرقة ضد العرب والمسلمين. فالعرب والمسلمون مطالبون بالتعاون وإقامة علاقات مع هذه التنظيمات لخدمة قضاياهم وللوصول للرأي العام العالمي والتأثير فيه. 14. تفعيل الحضور الثقافي العربي الإسلامي في الغرب (المعارض، الندوات، المحاضرات، المؤتمرات): حيث إن بناء الحوار مع الآخر والوصول إليه والتأثير فيه يتطلب استثمار منهجي ومستمر ودائم لتأكيد الحضور الإعلامي وبناء الصورة. 15. إنشاء قنوات فضائية تبث باللغات العالمية: هناك غياب شبه تام للفضائيات العربية والإسلامية التي تبث بلغات أجنبية للآخر وهذا يعني وجود فراغ كبير يستغله الآخر وخاصة أعداء الإسلام لتمرير ما يريدون من أكاذيب وأساطير وحملات دعائية حيث أن الآخر يتمتع بوجود كبير جدا في البث الفضائي الدولي، في حين يبقى الحضور الإعلامي الإسلامي والعربي محدودا جدا. 16. استئجار أوقات بث في وسائل الإعلام العالمية وخاصة من خلال وسائل الإعلام الدولية التي تتمتع بانتشار عالمي واسع. 17. إنشاء إذاعات موجهة بلغات غربية من أجل فتح قنوات تواصل وحوار مع جماهير واسعة وفي دول مختلفة عبر العالم. 18. تفعيل عمل الأقليات المسلمة في الغرب والتعاون معها في إيصال الرسالة إلى الآخر: توجد أقليات مسلمة في دول عديدة في العالم. فهناك خمسة ملايين مسلم في فرنسا، ونفس العدد في الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك أعداد معتبرة كذلك في بريطانيا ودول أوروبية أخرى كبلجيكا وهولندا والدانمارك وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا...الخ. هذه الأقليات بإمكانها أن تلعب دورا كبيرا في إنشاء قنوات حوار وتفاهم مع الآخر وبإمكانها كذلك أن تعطي الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين من خلال الرد على الحملات الدعائية والصور النمطية والتغطيات الإعلامية المسيئة والمشوهة للإسلام والمسلمين. يحتاج عمل الأقليات الإسلامية في الغرب إلى التخطيط والبرمجة والتنسيق فيما بينها ومع المرجعيات الدينية في العالم الإسلامي حتى تنجح في القيام بواجبها وأداء رسالتها على أحسن وجه ؛ وحتى لا تُسّيس وتُستغل من جهات قد تسيء للإسلام والمسلمين أكثر مما تخدم حوار الإسلام مع الغرب. 19. إنشاء وتمويل ودعم أقسام وكليات ومعاهد للدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في كبريات الجامعات الغربية وتمويل البحث العلمي فيها وتوفير المنح الدراسية والبحثية لطلاب الدراسات العليا وللباحثين في قضايا الإسلام والشرق الأوسط. وكذلك تنظيم جوائز ومسابقات عالمية للدراسات والبحوث الإسلامية والشرق أوسطية. 20. تأهيل وتطوير الكادر الإعلامي لمواكبة التطورات في مجال تكنولوجيا الإعلام والمعلومات والتحكم في اللغات العالمية والمهارات اللازمة لإنتاج الرسالة الإعلامية الفعالة والناجحة.