19 سبتمبر 2025
تسجيليعاني العالم العربي اليوم من أزمة كبيرة فيما يراه من أحداث لا يصدقها عقل لأنها تتناقض مع مباديء الأخلاق والقيم فضلاً عن الدين والمباديء التي جاء بها الإسلام فيما يجري من جرائم بحق الإنسانية في العراق وسوريا واليمن وليبيا، يجد الإنسان اليوم نفسه في حيره إزاء تشخيص ووصف الأوضاع، كيف وهو يرى القتل واستباحة الأموال والأعراض، يرى ما يجري في سوريا من ذبح وتهجير وتدمير البيوت وعدم الرحمة بالأطفال والنساء والشيوخ وكبار السن، وأصبحت سوريا في وضع مؤلم محزن، وكذلك العراق وتدميره والعنف الطائفي واستخدام وسائل تتنافى مع المباديء الإنسانية. إضافة لما يجري في اليمن من قتل وقنص، كل هذا على يد الجيش والأمن اللذين لم نجدهما في غزو إرتيريا لحنيش والآن يقتلون شعبهم ويدمرونه بالسلاح الذي دفع ثمنه الشعب، وهو يقدر بمليارات الدولارات. ونرى أن الحرب في اليمن تحولت إلى طائفية ومذهبية ومناطقية شمال وجنوب وشرق ولا توجد هوية واضحة بل هناك عدد كبير من الجهلة أو المثقفين الأميين الذين نراهم في القنوات والإعلام يهرجون والكل يسب ويشتم ولا يقدم حلا ومَخرَجاً. وفي ليبيا كذلك قتال وكراهية وتبادل تهم أشد مما كان عليه الماضي، وإصرار على شيطنة كل طرف للآخر، ولم يوجد من يدعو لوحدة الصف ووضع أسس للشراكة لأن البلاد لا تقوم إلا بذلك، وليبيا صراعها عبثي لأنه لا طوائف ولا أديان ولا مذاهب والسبب غياب واضح للهوية. أصبحت الأحزاب والقيادات السياسية التي فشلت في حكم الأمة سنوات لا تحمل برنامجا حضاريا وإنما تحمل مصالح شخصية تقدس ذات الأشخاص الذين يحكمون والذين ينتظرون الحكم ولا يستفيدون من تجارب الآخرين، ونرى أمامنا إسرائيل، وبرغم اختلاف أحزابها فإنها دولة قوية وحولت الصحراء إلى مشروع زراعي في النقب وأنها تقدم مصلحة الوطن على مصلحة الأشخاص والتمسك بالهوية وكذلك الهند على الرغم من الاختلافات المذهبية والدينية والأعراف واللغات.حدثوني وأقنعوا كل مثقف ما هو المشروع الاقتصادي والتنموي الذي قدمته هذه الجهات ماذا قدمت لشعبها وحتى أحزاب المعارضة ماذا قدمت من مشاريع إنسانية وتنموية سوى أوهام وشعارات، وإذا وصلت للحكم فهي لا تقل سوءًا عمن سبقها. هذه الأموال التي تدمر في الحروب وتدمر البنية التحتية في سوريا والعراق واليمن وليبيا وتسبب سحل وقتل لأطفال، ولاجئين يعانون من أزمات نفسية . ماذا سيقدم هؤلاء وحتى ولو تمكنت الأحزاب من السلطة ماذا ستقدم؟ إنها نفس آلية التفكير، نحن نعيش بدون هوية، فهويتنا الإسلامية والعربية تمنع من هذه السلوكيات التي تتنافى مع تلك المباديء التي قدمها أجدادنا للعالم. وأصبح أعداؤنا من خلال فئات حاقدة تضع لنا نماذج مثل داعش والجماعات المتطرفة التي تأخذ أسماء مختلفة، والكل يعرف إنها جماعات لا دين لها وحتى سلوكهم لا علاقة له بالإسلام. ألا يكفي ما يجري في مخيم اليرموك من قتل لشعب فلسطين، ولصالح من نحن نتخبط بين الشرق والغرب وأصبحت هويتنا سليبة يحددها الآخرون برضانا ، عندنا ساسة ومفكرون يريدون منا أن نسير وفق هواهم وأفكارهم التي تخدم وصولهم للسلطة وحصولهم على المال فقط، هؤلاء الساسة أشعلوا الحروب الطائفية والعرقية بعد أن أفلست أفكارهم. والعجيب أن نرى هذه الأحزاب لا تقدم عملا إنسانيا ولا خدمياً، لا نراهم يساعدون الأيتام والأرامل والمعوقين والتعليم والصحة والمياه، ولا يقدمون مشاريع . يعارضون الحكومات ثم إذا وصلوا للحكم ضاعت الشعارات، ومارسوا نفس الوضع. المشكلة عندنا ليست في شخوص الحكام لأنهم جزء من الواقع، القضية أعمق من ذلك بكثير، احتارت الشعوب عندنا والعالم قال لهم إن مشكلتكم في الحاكم الفلاني والفلاني، فإذا بهم يجدون الآخرين لا يقلون سوءاً، المشكلة هي تحديد الهوية والأهداف، الدور الكبير على المثقفين والعلماء ورجال الدين ورجال الاقتصاد وأساتذة الجامعات، مسؤوليتهم كبيرة في تحديد الهوية وحماية الأمة من الأفكار الدخيلة والعمل على معالجة جذور المشاكل من الأسر إلى المدرسة وإلى وسائل التوجيه وإلى التنمية الاقتصادية وإلى تعليم الناس دينهم الصحيح وعدم تصدر الجهال الأمور. وأن تقدم هذه الأمة أهدافها ومبادئها، ويتم تحريم الطائفية والعرقية والتفرقة وسياسة الإقصاء والمساواة بين الناس في الحقوق والواجبات ، قبل هذا حاول الاستعمار مرارا في الأجيال الماضية، وكانت هناك قيادات ؛ لكن اليوم للأسف لا توجد عندنا قيادات وطنية تتحمل المسؤولية، علينا أن نتقي الله في الشباب وفي أرواح الناس، القاتل مسلم وعربي والمقتول مسلم وعربي، العالم يتفرج علينا، وتفاجأْنا بما يجري وإلى هذا الحد وصلنا وأصبحنا نتخبط ونستورد من غيرنا أفكارنا وهويتنا "كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ، والماء فوق ظهورها محمول." لماذا نترك إيران وإسرائيل وروسيا والغرب يتحكمون في هويتنا، لماذا نترك أبناءنا وبناتنا ضحايا لإيران والجماعات المتطرفة مهما كانت عناوينها ؛ تذلنا وتشيع فينا التفرقة والكراهية لنصبح أداة بيدها. اليوم إيران تغزو العالم العربي والإسلامي بكل الوسائل، وها نحن ندفع ثمنا باهظا من الدماء والأرواح والبنية التحتية والقتل والخوف بسبب هذه الثقافة سواء جماعاتها المنسوبة للشيعة أو السنة. وهذه أفكار الغرب الليبرالية وبقايا اليسار، وأدعياء الدين والأمة ضائقة تائهة، فأين المثقفون والعلماء والأساتذة؟