13 سبتمبر 2025
تسجيلانطوت الصفحة الأخيرة من أدب أمريكا اللاتينية. حيث إني لَمْ أعتبر يوما ذلك الأديب المبدع والساحر والمدهش صفحة عادية في عالم الأدب ولم أعتبره إلا صفحة أخيرة وخاتمة لكل ما عرفناه وقرأناه في عالم الإبداع الأدبي حيث لن تكون بعده صفحة أخرى فهو قد وضع أجمل وأروع ما قد يكتب في عالم الأدب فلا أعتقد أنه سيأتي بعده من يحمل شيئا أجمل مما منحنا إياه ماركيز من عوالم مدهشة جعلتنا نتخيلها ونعيشها لحظة بلحظة لم يكن الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، اسما عاديا في تاريخ الأدب العالمي، بل عرف كيف يكون مجدا أدبيا تفتقده اليوم الساحة الأدبية بوجه يكسوه الحزن طويلا وعميقا. حيث كان يكفينا فقط أن نقرأ لماركيز حتى نكتشف كم هي الحياة هشة وكم يمكننا أن نسكن الكلمات ونقيم في الروايات ونتحد بها للأبد هاربين من واقع مؤلم إلى عوالم الخيال الأدبي الذي ألهبه ماركيز في ذهن القارئ فماركيز لم يشهره نوبل ولم يشهره اسم أو مكان، ما أشهره هو توغله العميق في ضمير الإنسانية هو صوته الواعي في مسامع الزمن هو إبداعه وتفننه في العيش في أعماق القيم والمبادئ النادرة هو منحه للقارئ فرصا رائعة للتحليق عبر قارات من الخيال الجميل ماركيز تفنن في انتزاعنا من عالم يسكنه الجمود وزرعنا في عالم يسكنه الإبداع الساحر رحل ماركيز لكنه سيظل اسما نابضا بالحياة والحب في الأذهان على مر الزمن وتعاقب الأجيال رحل ماركيز لكنه سيظل قمة من قمم الرواية العالمية التي كانت ناقمة على الصراعات وموجات العنف التي شهدتها أمريكا اللاتينية وبلاده كولومبيا خاصة مما جعله يقضي جزءا هاما من حياته متنقلا بين كوبا، المكسيك وفرنسا إلى أن أصابه العجز والاستسلام يوم الخميس قبل الماضي بالمكسيك بعد مقاومته لسرطان الغدد اللمفاوية واستسلامه لأزمة قلبية بأحد مستشفيات المكسيك رحل تاركا وراءه مجدا أدبيا شامخا لا يتكرر ليبقى به في ذاكرة قرائه وعشاقه الذين سيشعرون بالفراغ طويلا وربما العمر كله فمنذ رحيله وحتى اليوم مازال خبر وفاته في كل الصحف العربية والعالمية عنوانا حيا يحكي شموخ زمن أدبي يرثيه الجميع بحزن عميق لا شبيه له أبدا، إذن وداعا ماركيز وداعا للخيال الحر والإبداع المستحيل وداعا وللأبد كم كان عالمك جميلا ومستحيلا!.