20 سبتمبر 2025

تسجيل

بين إدارة الصديق والفاروق

27 مارس 2016

سيرة الخليفة الأول للمسلمين أبوبكر الصديق - رضي الله عنه، ومن ثم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، حافلة بالكثير من الدروس القيادية والإدارية لمن أراد أن يتأملها ويدرسها، وهي دون مبالغة جديرة بالدراسة والبحث وكثير تأمّل في كليات الإدارة أو القيادة والأركان.سيلاحظ أي دارس لسيرتيهما، أن أبا بكر الصديق اختلف عن عمر الفاروق في القيادة.. الصديق رضي الله عنه، أعطى من خلال قيادته للدولة دروساً فيما نسميها اليوم بالتفويض، حيث كان من عادته حين يولي شخصاً مسؤولية ما كقيادة جيش أو سرية، أن يبين له خطوطاً عريضة عامة، وله أن يتصرف وفقها، دون أن يراجعه في كل صغيرة وكبيرة، إلا ما يُشْكل الأمر على المسؤول، فحينها لابد من الرجوع للخليفة أو صاحب القرار الأول في الدولة، واضعاً في اعتباره عامل الوقت الذي قد يكون عاملاً سلبياً إذا ما أخذنا في الاعتبار المسافات الشاسعة ووسائل التواصل يومها.أسلوب التفويض لم يكن يتوافق مع شخصية وتكوين الفاروق عمر رضي الله عنه، الذي كان الساعد الأيمن والوزير الأول لأبي بكر، حيث كان يعارضه في قرارات كثيرة كان يراها أبوبكر بصورة معينة، فيما يراها الفاروق بشكل آخر، وكان الصديق يأخذ برأي عمر مرة ويخالفه في أخرى، ليس انحيازاً لرأيه بسبب هوى بالنفس أو غيره، بل لأن الاثنين دون شك كان هدفهما مصلحة الإسلام والمسلمين ودولة الإسلام الفتية يومها، ولم يكن خلافهما لأمور شخصية، فليس أبوبكر أو عمر من تلك النوعية دون أدنى شك.أما أسلوب الفاروق عمر رضي الله عنه، فقد اختلف تماماً عن أسلوب الصديق، وهو ما سيكون حديث الغد بإذن الله.