13 سبتمبر 2025

تسجيل

السودان: تأجيل إسقاط النظام!

27 مارس 2011

اجتاحت الانتفاضات الجامحة – حتى الآن – عشر دول على نطاق الوطن العربي الكبير.. ففي الوقت الذي نجحت فيه ثورتان بإزاحة رئيس تونس ومصر، لا تزال أصداء انتفاضات ليبيا، واليمن، والبحرين والأردن وسوريا تدوى في الآفاق، وربما تؤدي نتائجها إلى حلول مخشوشنة تسفك فيها الدماء وتنقطع فيها أوصال الوطن إرباً إرباً. والسؤال الأكثر إلحاحاً الآن هو: لماذا تأخر شباب السودان عن رصفائه في المنطقة العربية عن اقتفاء أثر الثورتين المصرية والتونسية؟ وهل يعد التوقيت ملائماً للقيام بانتفاضة مماثلة؟ لقد خرجت قطاعات الشباب، "والمعارضة" بمحاولات عديدة للثورة ضد الحكومة السودانية، وقد باءت جميع تلك المحاولات بالإخفاق.. نتيجة لتصدي النظام الأمني يقمع تلك المظاهرات والمحاولات وزج بعدد غير يسير من المتظاهرين في السجون والمعتقلات.. كما تعرض بعضهم لضرب بالهراوات والعصي. والآن، لم يتسرب اليأس والقنوط إلى نفوس الشباب السوداني من الاستمرار في محاولات الانتفاضة والثورة ضد حكومة الرئيس البشير. وقد دعا شباب السودان في موقعهم على صفحاتهم في موقع (الفيس بوك) ما يلي: "نحن شباب السودان ندعو لانتفاضة شعبية تبدأ يوم 30 يناير لأننا نريد التغيير، نريد الحرية، ونريد إزالة الفساد والمحسوبية، والبطالة والجوع والقهر والظلم، نريد حكومة انتقالية تقيم انتخابات حرة ونزيهة". الدعاوى التي ساقها الشباب السوداني للثورة ضد النظام لها ما يبررها في أرض الواقع.. غير أن الانتفاضة في ظل التوقيت الراهن يتوجب أن تدعو للتأني والأناة والصبر.. وذلك لاعتبارين أساسيين هما: * إن السودان المنقسم على نفسه.. بعد أن انفصل جنوب القُطر وفي ظل التجاذب الحاد، والاستقطاب المريع، والاحتقان المزدوج ربما يؤدي إلى مزيد من الفوضى والتشرذم. * إن أزمة دارفور لا تزال تتأرجح وتنزلق من طاولة مفاوضات إلى أخرى، ومن دولة إلى أخرى.. فتعنت الحركات الدارفورية المسلحة ورفع سقف مفاوضاتها إلى سماوات غير مرئية، كما أن عدم مرونة الحكومة السودانية.. قد أدت جميع هذه الاعتبارات إلى تأخر حل أزمة دارفور.. وعند قيام الانتفاضة – أي انتفاضة – في ظل الظروف الحالية سوف تؤدي إلى اختلاط الحابل بالنابل، مما يؤدي إلى تدخل المجتمع الدولي المتأهب أصلاً إلى التدخل في السودان.. وتدخل المجتمع الدولي في الجارة ليبيا ليس ببعيد. إننا ندعو شباب السودان إلى تأجيل الانتفاضة - المرتقبة التي تمت الدعوة إليها إلى ما بعد التاسع من يوليو القادم – وهو الموعد المضروب لانفصال الدولتين شمال السودان وجنوبه. دعوتنا إلى تأجيل الانتفاضة ليس خوفاً من بطش النظام، وقدرة الفائقة، وعدم مبالاته في قمع التظاهرات.. وإنما حرصاً على وحدة الوطن – أو على الأقل – ما تبقى منه. إننا حقاً أمام لحظة تاريخية حرجة وحاسمة تتطلب مزيداً من الصبر والمثابرة على اتخاذ خطوات استباقية من جانب النظام للوفاء بمطالب الشعب ومتطلبات المرحلة الحالية التي تتسم بنفحات الهلاك.