11 سبتمبر 2025
تسجيللا اعتقد انه في تاريخ الاسلام مر اضطراب وانحراف فكري بأبناء الامة، كما هو حاصل لطوائف متعددة من هذه الامة في وقتنا الراهن، حتى تلك المرحلة التي ظهر فيها الخوارج، تلك الفرقة الضالة، التي قتلت من المسلمين أعدادا كبيرة، لا اعتقد أنها كانت بمثل ما تمر به الامة الان عبر الطعنات التي تتلقاها على ايدي من ينتسبون الى الاسلام اسما، فيما هم حقيقة اعداء ألداء في فكرهم وسلوكهم واعمالهم، التي تمثل وصمة عار في جبين هذه الامة. الاسلام الذي حفظ حقوق الذميين من يهود ومسيحيين، ممن كانوا يعيشون في كنفه آمنين مطمئنين، لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين، بل لم يجدوا وطنا آمنا لهم سوى ديار الاسلام، هذا الاسلام لا يمكن ان يكون اليوم عنصر هدم في المجتمعات، فالاسلام هو الاسلام، ولكن المسلمين هم الذين غيروا وبدلوا وابتدعوا من الدين ما ليس به. هناك فهم خاطئ للدين، هناك انحراف عن المنهج القويم، هناك تغيير وتبديل....، لقد ظهر في هذه الامة من يسمون أنفسهم بالعلماء، وباتت الفتوى تخرج من كل حدب وصوب، ومن أنصاف العلماء - واقل من ذلك - يدعون اهلية القيادة، ويصدرون الفتاوى، بل يخرجونها من جيوبهم تماما كما يخرج أحدهم الأوراق من ادراج مكتبه، ويجتزئون من النصوص ما يلائم تصوراتهم المنحرفة، يحللون دماء واعراض واموال المسلمين، على الرغم من ان كل النصوص القرآنية، والاحاديث النبوية الشريفة تؤكد على حرمة ذلك، ليس فقط دماء المسلمين، بل كل من دخل ديار المسلمين من غير المسلمين مستأمنا، فان دماءه محفوظة، ولكن للاسف حال الفئة الضالة اليوم ممن يطعنون الاسلام هي حال الخوارج، الذين قال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم «يحقر احدكم صلاته الى صلاتهم وقيامه الى قيامهم وصيامه الى صيامهم وقراءته الى قراءتهم ولكنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية... يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، لقد استباحوا دماء المسلمين وأموالهم حتى انهم استباحوا دم فتى الاسلام علي بن ابي طالب» رضي الله عنه وكرم وجهه الشريف. اليوم اصبحت الفتوى مشاعا امام كل من هب ودب، يوزعونها دون حسيب او رقيب، يتنافسون فيما بينهم من يصدر من الفتاوى اكثر، خاصة في الامور الجدلية، او المختلف فيها، ويعمدون إلى اثارة البلبلة بين صفوف المسلمين، ويقدمون على ارتكاب المحرمات والجرائم بحق الاوطان والمجتمعات تحت مسميات ما انزل الله بها من سلطان. الاسلام دين الرحمة، ليس فقط في دعوته، بل حتى عند قتال العدو في ساحات المعارك، فهو يحترم كل المعاهدات، ويصون دماء النساء والشيوخ والاطفال، ولا يعمد الى التخريب او التدمير او الترويع، ليس فقط مع الانسان، بل حتى مع الطيور والاشجار. الاسلام يأمرنا بأن نشكر كل من يقدم الينا معروفا، فمن لم يشكر الناس، لا يشكر الله، وهذا الوطن، وهذا البلد احق بالشكر ليس من مواطنيه فحسب، بل من مقيميه قبل ذلك، ولا اقول هذا منة او تفضلا، بل ان هذا البلد وقيادته حفظها الله تنطلق في عملها وبذلها وعطائها الكريم والممتد عبر مشارق الارض ومغاربها، من قوله تعـالى «لانريد منكم جـزاء ولا شكورا»، وبالتالي فان الولاء لهذا البلد هو ولاء لله تعالى. هذا البلد يد معطاءة سخية، قيادة وشعبا، يبذل في أوجه الخير اينما كان، قاصدا بذلك وجهه تعالى، والله لن يضيع اجر هذا البلد، الذي سيظل منارة، و لا نقول إلا كما قال يعقوب لاحد ابنائه عندما عادوا دون اخيهم يوسف «فالله خير حافظا»، لهذا البلد وقيادته واهله.