02 نوفمبر 2025

تسجيل

مؤتمر الأصدقاء.. كيف استعد له التونسيون؟

27 فبراير 2012

تفاعلات الربيع العربي مستمرة وفي سورياً تحديدا لن يكون الأمر ربيعاً بمعناه وآلة القتل تستهدف حتى الرضع دون أن تجدي محاولات الاستجداء العفوي للنظام هناك لوقف العنف المستمر ضد الشعب ولو كثفت نحوه المزيد من العقوبات والضمانات وسيناريوهات ترك السلطة حسبما خرج به مؤتمر أصدقاء سوريا الذي انعقد في تونس مؤخراً. الغريب أن التحشيد العام في تونس كان ضد تسليح المعارضة السورية أو مجرد عقد المؤتمر هناك بينما المواقف الرسمية للنظام التونسي تبنت مواقف غريبة وغير مجدية مع سخونة الموقف في الميدان والعالم أجمع يستذكر عن قريب حالة الانتفاض الشعبي العام في تونس ضد الرئيس بن علي حيث انطلقت بوادر الربيع العربي من هناك وكانت انتفاضة مباركة ضد الظلم والهوان أنجبت مشهداً جديداً في تونس بينما نفس المرارة تكرس الآن في سوريا وبشكل مسلح يتساقط بفعله عشرات القتلى يومياً وهو ما لم يحدث في مواجهة ثورة تونس العام الماضي فخرج آلاف التوانسة منددين بالمؤتمر الذي وصفوه بمؤتمر العار بل وكان لدولة قطر نصيب وافر من امتعاضات المتظاهرين جراء مواقفها الناشدة لخلاص الشعوب العربية من مظاهر الاستبداد والظلم وتلك حالة تلازمها علامات التعجب من هذا التحشيد رغم ما يشاهد علناً من مظاهر العنف " فلو استمر ابن علي في منصبه رئيساً لتونس سافكا دماء الأحرار من الشعب هناك فهل سيقبل التوانسة بمجرد إعانات وتطمينات " بل كان المشهد الذي انتهت به الثورة التونسية سريعاً وقبول السعودية بـ لجوء ابن علي في أراضيها حقناً للدماء ورعاية لمصالح تونس ومستقبلها. بينما المشهد في سوريا أوغل نحو التصعيد بتمادي النظام هناك وغروره والضحية بالطبع آلاف القتلى وتكثيف آلة القمع وهو مالا يُقبل منطقاً أن تساوى به المعادلات وتطبيقاتها بين البلدين. فأصدقاء سوريا في مؤتمرهم كانوا يبحثون عن المشهد النهائي للثورة بخروج النظام خاصة بعد تعثر الحلول الدولية بالفيتو الروسي الصيني المزدوج رغم أن البعض يدعم المناورات الجانبية التي تعطي المزيد من المهل لآلة القتل المفرط في سوريا. بهذا الشكل خرج بيان المؤتمر مهلهلاً يشرع تسمين الفريسة أمام المفترس كما قال سمو وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الذي سجل موقفاً جريئاً نحو بيان المؤتمر بإعلان انسحاب وفد المملكة من جلساته. أيضاً وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون هي الأخرى كانت تعليقاتها على المؤتمر هشة من حيث تأييد مضمون بيانه الأخير بتكثيف الدعم وفتح الممرات الآمنة للمعارضة بينما العالم أجمع كان ينتظر تحشيداً عسكرياً لإنهاء حالة القتل في سوريا وتطبيق النموذج الليبي هناك لاقتلاع النظام بالقوة بينما مهمة المعارضة السورية ومجلسها تتعقد وتصعب لحظة بلحظة أمام الاستقراء العالمي الغريب لقضيتهم فالغرب يتحاشى أخذ موقف صارم تجاه سوريا ربما لاعتبارات جيوسياسية تتبنى إسرائيل ضمنها مواقف خفيه داعمة للنظام السوري تبعا لتعاهدات تاريخية حسب استقراء المحللين. أما وروسيا والصين فتتبنيان نفس الموقف ولو بمبدأ الربح والخسارة لمصالحهم وطرح فواتير مستحقة السداد أمام متبني مواقف الحزم العسكري من العرب وغيرهم تبعا للمواقف الروسية التاريخية في القضايا الإقليمية المهمة كما في حرب تحرير الكويت حيث كانت فاتورة الموقف الروسي مدفوعة وبالأرقام الضخمة. عموما ستظل القضية السورية تراوح طويلا بين أروقة المؤتمرات والتجاذبات السياسية رغم أنها ثورة شعبية تستحضر الانفكاك من عقود الظلم والاستبداد بشواهد حية ومستمرة كما في حماة وإدلب وبابا عمرو حديثا وهي كما في تونس ومصر وليبيا استحضار للعدل والقيم. فكيف يفهم العامة تبدل قيم المعادلة واستحقاقاتها من مجتمع لآخر؟ فذلك سؤال يطرح بإلحاح أمام ساسة المهل والمعونات ونطرحه أيضا تجاه ضمير الشارع التونسي الممتعض ضد مؤتمر الأصدقاء لسوريا حتى لا يكون سيل الدم أوسع وأكبر.