22 سبتمبر 2025

تسجيل

المقاومة الشعبية.. هل ستقضي على المغرور ودستور الزور؟

27 فبراير 2012

لا ريب أن كل ثورة شعبية تتوافر فيها المقومات الذاتية الحازمة المريدة والقادرة والمشرئبة إلى الطموح في التغيير الاستراتيجي نحو الحرية والكرامة للتخلص من الاستبداد والسلطة المغلقة في أي بلد كان من العالم لن يستطيع أي طغيان مهما بغى وطغى وتجبر أن يقف صامدا لمواجهتها، وإن ظن وتوهم ظاهريا أنه غير عاجز عن ذلك، فإن الحق الذي يحضن أي مقاومة شعبية لابد غالب للباطل لأنه أقوى منه من جهة، ولأنه لا يمكن في عالم السنن إذا أتقنا فهم جريانها أن يعتقل الباطل التاريخ ويصادره مصادما الحركة والثورة والانتفاضة المتجهة قدما رغم المصاعب والمتاعب والأشواك. خاصة في هذا الوقت المفعم بالعلاقات الدولية وثورة المعلومات ومتابعة حقوق الإنسان وكم أفلح الثوار في سورية اليوم، حيث أطلقوا على جمعة ماضية اسم المقاومة الشعبية تصريحا منهم أنه إذا وقف العالم أجمع كسيحا أمام ثورتهم فإنهم سيواصلون الحراك بكل جهاد واصطبار إلى أن يتحقق النصر المنشود على عصابات الظلام والهمجية العمياء لأنه لم يعد ثمة خيار آخر أمام هجمات هذه الوحوش الضارية، وإن الجموع الغاضبة السلمية في غالب أحوالها المكذبة كل ادعاء بوجود العصابات المسلحة طبعا إلا عصابات القتلة الطائفيين – والفاضحة كل زعم بوجود مؤامرة خارجية على ما يسمى دولة الممانعة والمقاومة زوراً وبهتاناً – ستصل بإذن الله إلى نهايات مشرقة بعد هذه البدايات والدفاعات المحرقة التي تبديها المقاومة اللاعنفية والمقاومة الضرورية للذود عن النفس والعرض والأرض وحماية المتظاهرين من قبل الجيش الحر، وإن هذا التمرحل الذي مرت به الثورة السورية المباركة تدرج سياسي رشيد لا يمكن أن ينكره عاقل أو مراقب متجرد ونحن اليوم بأمس الحاجة إلى هذه المقاومة الشعبية التي يمكنها بإخلاص واختصاص أن تقفز على المهل الزمنية التي يراهن من خلالها القتلة على كسب الغلبة في أتون الحلبة مما سيصيبها بمقتل كلما رصت صفوف الثوار وتسلحوا بالرأي والحيلة والشجاعة وصدوا بالدفاع عن الوطن كل غادر جبار فشل على مدى أربعين عاما في بناء الدولة الوطنية على كل صعيد، خاصة نشر النعرات الطائفية والعشائرية، بل الأسرية حتى حسب أن سورية وكنوزها يجب أن تبقى مستلبة بمخالبه الحديدية، إن الوحش الكاسر يضرب بذرائعه الوهمية كل ما حرم الله الاعتداء عليه، البشر بكل الأعمار والحيوان والنبات حتى الحجر والشجر ثم يطلع علينا بغير حياء ولا إنسانية ليجبر الكثرة الساحقة من شعبنا العظيم للإدلاء بأصواتهم استفتاء على دستور جديد للبلاد يظن أنه سينقذه قبل أن يهلك ناسيا أو متناسياً أن كل سفاح فقد الإنسانية لا يمكن له بتاتا أن يقوم بالإصلاح ومتى كان المفسد مصلحا؟ إن أهم ما جاء في هذا الدستور من مواد هو أن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وبيده السلطات التشريعية والتنفيذية وأن له أن يرشح نفسه للرئاسة مرتين كل واحدة لسبع سنوات لعل ابنه يخلفه من بعده وتظل المعزوفة النشاز التي صكت آذان السوريين: الأسد إلى الأبد تبقى! وهنا يستمر محو الخريطة السياسية للبلاد والعباد بكل استبداد واستعباد، خاب وخسئ إن شاء الله، لا يمكن أن يوافق على دستور يكون من صلاحية الرئيس فيه التغيير بالمعاونة مع المنافقين من مجلس شعب كله لعب وكذب ويختار بالتزوير وشراء الذمم وتحت قوة السلاح والتهديد كما عود الجماهير المقهورة في تاريخه الأسود، وهو إن مشى خطوة إلى الأمام مشى مئات إلى الخلف والواقع أكبر شاهد، إن نظاما ملأ القلوب بالأحقاد السياسية والاجتماعية وحفر عشرات المقابر الجماعية وحكم الانتقام بدل الانتقال للسلطة طويلا لن يكون له دستور إصلاح لأنه لن يصلح العطار – إن كان كذلك – أفسد الدهر والشعب السوري لن يعود عن ثورته إلا بعد التحرر وبناء دولة الحرية والتعددية والوطنية والديمقراطية والقانون وسيبقى رافضا أي طبخة لا يكون فيها إلا العلقم والسم، وفي معركة النور والديجور سيظهر من المدحور. [email protected]