13 سبتمبر 2025

تسجيل

فنون ميكيافيلي وجنون القذافي

27 فبراير 2011

العقيد القذافي الذي وصل إلى سدة الحكم عن طريق الخسة والنذالة، وحافظ على حكمه بالبطش والتنكيل والتعذيب على مدى أكثر من أربعين عاماً، لم يشأ أن يتنحى – كما فعل بن علي ومبارك – ليحافظ على ما تبقى له من نخوة عربية أو كرامة إنسانية، بل مضى سادراً في خطبه الهزلية وعباراته المحشوة بالهلوسة والهذيان والتهديد والوعيد بإحراق ليبيا عن بكرة أبيها لكي تتحول إلى أنهار من الدماء، ورمال الرمضاء وركام من الجمر المحرق. العقيد البلدي، لم يستفد من عبر التاريخ التليد وعظات الزمن الغابر، التي أجبرت الجبابرة والطغاة على الإصغاء لصوت العقل، والامتثال لأصوات الشعب الصبور، وصرخات الثكالى، ونواح الأطفال الذين قتلهم ومزق أجسادهم الطرية، وصفى ذويهم بدم بارد، مع سبق الإصرار والترصد والاستمرار اليائس في تعقب ثوار الحرية الذين انتفضوا وثاروا في كل مكان للتخلص من نظام حكمه البائس. العقيد المفتون بجنون العظمة والكبرياء الزائف لا يزال يستمرئ إذلال شعبه الشجاع ووصفه بالقطط والجرذان والكلاب الضالة. ترى من الذي ضل الطريق؟ ومن الذي فقد بوصلة القيادة؟ ومن ذاك الذي أخذ يتخبط كما تلبسه شيطان أخرس وأصم وأبكم؟ إنه العقيد القذافي الذي وقف وحشد وجيش المرتزقة للانقضاض على أفراد شعبه، وقتلهم، وقصفهم بالطائرات واستهدفهم بالدبابات والرشاشات التي لا تميز بين شيخ وطفل، أو بين امرأة وفتاة يانعة. العقيد، بتلك الأفعال الشنيعة لم يستقرئ التاريخ، ولم يقلب صفحات كتاب "الأمير" الذي ذبحه نيقولو ميكيافيلي، إذ يقول الكاتب: "إن القوات المسلحة التي يعتمد عليها الأمير إلى الحاكم" في الدفاع عن ممتلكاته، إما أن تكون خاصة به أو مرتزقة، أو رديفاً أو مزيجاً، والمرتزقة والرديف قوات غير مجدية، بل ينطوي وجودها على الخطورة، وإذا اعتمد عليها أحد الأمراء في دعم دولته فلن يشعر قط بالاستقرار والطمأنينة، لأن هذه القوات تكون مجزأة وطموحة ولا تعرف النظام، ولا تحفظ العهود والمواثيق، تتظاهر بالشجاعة أمام الأصدقاء، وتتصف بالجبن أمام الأعداء..". وقد رأينا ورأى الجميع كيف استطاع الشعب الليبي الباسل أن يقهر المرتزقة، وأسر بعضهم، وهام الآخرون على وجوههم وفروا من الميدان. الآن وبعد أن اصطف الليبيون في صف واحد ضد العقيد المستبد، وبعد أن توالت استقالات الوزراء والدبلوماسيين من مناصبهم تاركين العقيد يهذي في باب العزيزية، يخشى الكثيرون بأن العقيد ربما يقوم على خطوة طائشة يخوض فيها معركته الأخيرة الخاسرة بالأقدام على حرق ليبيا، كيف يتسنى له ذلك؟ المجتمع الدولي بالمرصاد.. والشعب الليبي قادر على رد الصاع صاعين، والعقابة على الظالمين، والقذافي أولهم ومن خلفه فلول الخاسئين، وأبناؤه الطائشون.