13 سبتمبر 2025

تسجيل

وليس الأنثى كالذكر

27 يناير 2024

القرآن الكريم بمثابة «كاتلوك» المعرّف للإنسان حقيقته، وعلاقته بما حوله، وهو هدى للعالمين. وفي معرض بيان القرآن ماهية الإنسان؛ بين أن الإنسان يكون ذكرا أو أنثى. والأنثى كالذكر • فكلاهما مخلوق: «إنا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى». «وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى». «وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا». فالله خالق الرجل كما هو خالق الأنثى. • كلاهما مخاطب بتحمل المسؤولية: «فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ». «وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا». • كل منها متصف بالكرامة الإنسانية: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ». • كلاهما يميل نحو الآخر، ويحبان زينة الحياة: لذا أُمِرَ بعموم التستر وغض البصر «قل للمؤمنين يغضوا.. وقل للمؤمنات يغضضن»، ولذا أمر رسول الله ميمونة بالحجاب عن ابن أم مكتوم «أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه». ويدل عليه أيضا قوله تعالى: «زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ» فالرجل يميل للمرأة، والمرأة تميل للرجل، وكلاهما مفطوران على حب ما ذَكرت الآية. • مشتركان في آيات وصف الإنسان: فقد خلق في كبد، وهو ضعيف، وهلوع، وعجول، وكفور، وقتور، وجحود، ومر كل منهما بنفس مراحل التكوين، ويواجهان نفس المصير. و»الذكر كالأنثى» من هذا المنطلق، إلا أننا نجد بعض الفوارق بينهما مثل الفوارق بين الصغير والكبير، والمتزوج وغير المتزوج، والمواطن والمقيم. وليس الأنثى كالذكر - فالمرأة تحمل والرجل لا: «اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ». «وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ».وهي المرضعة لا الرجل. - والمرأة لم تكلّف شرعا بتحمل النفقة مع وجود الرجل: وهذا أصل معنى القوامة؛ فالرجل يدفع المهر: «وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً»، وينفق على البيت: «أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ». فالمدير المؤسس للشركة القائم عليه ليس كالموظف الذي لم يتحمل عبء إنشاء الشركة ودفع الأجور وهذا معنى: «وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ»، وهذه علة إضافة التفضيل إليهم، فهو تكليف لا تشريف كما يبين العلماء. تحمُّل الرجل نفقات المرأة شرعا هو الموجب للدرجة الفارقة بينهما و»وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ».- المرأة قارورة وستبقى قارورة: لين الملمس، وهذا يتناسب مع وظيفتها فيجب الرفق بها خشية أن تنكسر: «رفقا بالقوارير»، وإن القارورة لا تصير حديدا أو خشبا «فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوجا». فلا بد منهن على طبيعتهن لا كما يريد الرجل، فالحل في التعامل: «اتقوا الله واستوصوا بالنساء خيرا». - هذه القارورة يمكنها تأدية دور الرجل اضطرارا: لم تخلق لقطع الأشجار والزراعة ومواجهة الفيضان والأعاصير والزلازل، كلف الرجل بهذا، لكن مع غياب الرجل فإنها تقوم بكل هذا وزيادة. وهذا أصل إيراد قوله تعالى: «وليس الذكر كالأنثى». لما أرادت امرأة عمران أن ترزق بذكر يقوم بما هو من طبيعة أعمال الرجل عادة من خدمة المسجد وسدنته دعت ربها، ونذرت بذلك، لكن الله وهبها مريم «أنثى» فظنت أن المرأة لا تستطيع القيام بهذه الأعباء، لكن ذلك كان درسا للبشرية فقد فعلت مريم خلاف المعهود وقامت بسدنة البيت الأقصى، ورزقت بعيسى، فكانت نموذج المرأة التي غيرت بعض المفاهيم الاجتماعية من نظرة المجتمع إلى ما هو ذكوري وأنثوي، بل هذا التغيير كان في قضية دينية وفق نظر المجتمع. يقول الطبري: «الذكر أقوى على الخدمة وأقوم بها، والأنثى لا تصلح في بعض الأحوال لدخول القدْس والقيام بخدمة الكنيسة، لما يعتريها من الحيض والنفاس».يقول ابن كثير: «{وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأنْثَى} «في القوة والجَلَد في العبادة وخدمة المسجد الأقصى». ويقول الرازي: «الذكر لا يلحقه عيب في الخدمة والاختلاط بالناس وليس كذلك الأنثى،و الذكر لا يلحقه من التهمة عند الاختلاط ما يلحق الأنثى».أخيرا، هذا بيان القرآن، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل البيان مبني على العرف والحياة الاجتماعية، أم على حكم شرعي قطعي، وهل هذا الكلام كلام رب العالمين حقيقة أم هو حكاية، وهل الأمر خبر أم إنشاء يحمل حكما دائما؟!