02 نوفمبر 2025

تسجيل

أوباما الثاني.. خلافات أكبر مع تركيا !

27 يناير 2013

أنهى مدير عام الخارجية التركية فريدون سينيرلي أوغلو زيارة هي الأولى لواشنطن في ولاية باراك أوباما الثانية. وأهمية الزيارة أنها تأتي أيضاً بعد اتضاح ملامح الشخصيات التي ستتولى وزارتي الخارجية والدفاع في الإدارة الأمريكية الجديدة. وبذلك أمكن لسينيرلي أوغلو تكوين فكرة مبدئية عن المناخ الجديد في واشنطن ولاسيَّما العلاقات مع تركيا. الوزيران الجديدان، جون كيري في الخارجية وتشاك هايغل في الدفاع، يشكلان بنسبة عالية استمرارا لسياسة أوباما الخارجية في ولايته الأولى. الفارق الأساسي بين جورج بوش وأوباما اعتماد الأول الخيار العسكري في مقاربة المصالح الأمريكية في العالم فكانت حربا أفغانستان والعراق، فيما الثاني اعتمد سياسة "النأي بالنفس" (التي اخترعها لبنان تجاه الأزمة السورية). فلم تتدخل الولايات المتحدة بمفردها في ليبيا وتركت لفرنسا تصدّر الواجهة. ولم تدفع في اتجاه التدخل العسكري لإسقاط النظام في سوريا. وبقيت خارج الصورة في التدخل الفرنسي في مالي. وهي تصارع من أجل إيجاد طريقة للخروج من أفغانستان فيما خرجت من العراق مع احتفاظ بقواعد عسكرية. يمكن النظر إلى هذه السياسة على أنها تجسيد لتحولات مفصلية في الإستراتيجية الأمريكية في التعامل مع الأخطار الأساسية التي يواجهها الأمن القومي الأمريكي. إذ إن جميع هذه المشكلات التي وردت تقع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فيما الإستراتيجية الأمريكية الجديدة انحرفت إلى اعتبار التهديد الأساسي هو الصين لذا كان التركيز في المرحلة المقبلة على المحيط الهادئ. لا شك أن جانبا من سياسة القوة الناعمة في الشرق الأوسط لا يأتي فقط من تغير الأولويات الإستراتيجية لواشنطن إذ إن وقوف المعسكر الآخر المتمثل في روسيا والصين وإيران ومن معهم، بقوة في وجه واشنطن في سوريا كان من عوامل لجم أوباما من اعتماد خيار القوة العسكرية المباشرة. في إطار هذه السقوف يمكن توقع أن تواصل العلاقات التركية والأمريكية في عهد أوباما الثاني مسارا من التجاذب الذي طبع الولاية الأولى حول أكثر من قضية. يصف المسؤولون الأتراك العلاقات مع إدارة أوباما بأنها" الشراكة النموذج" وهو مصطلح أطلق مع بدء ولاية أوباما السابقة. وفي الواقع لم يدرك أحد حتى الآن وبعد مرور أربع سنوات ماهية هذه الشراكة وعناوينها. تشكل تركيا للولايات المتحدة "ذخرا إستراتيجيا" فهي البلد المسلم الوحيد العضو في حلف شمال الأطلسي والذي لعب ولا يزال يلعب أدوار التغطية الإسلامية لـ "حروب الأطلسي الصليبية". وتركيا كانت ولا تزال، رغم ما يبدو من تباعد حالي، ذات علاقات تحالفية مع إسرائيل في كل المجالات. كما أنها ذات موقع حساس بالنسبة للأمن القومي الأوروبي الذي هو جزء من الأمن الأمريكي. مع أن أنقرة وواشنطن التقتا على كثير من الموضوعات، غير أن أوباما الأول لم يكن يسير على الموجة نفسها مع سلطة رجب طيب أردوغان في العديد من القضايا. ومن هذه العناوين الموقف التركي من إسرائيل ومن التنقيب القبرصي عن النفط والغاز في البحر المتوسط. واتهام أنقرة لأوروبا والغرب بدعم حزب العمال الكردستاني ماليا. غير أن الافتراق الأساسي بين أنقرة وواشنطن كان في الموقف من الأزمة في سوريا. حيث إن واشنطن رغم دعمها الكامل للمعارضة السورية ودعوتها إلى الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد فإنها لم تكن مستعدة لتدخل عسكري مباشر لتحقيق هذه الغاية وتركت تحمل المسؤولية على عاتق الدول التي تدعم المعارضة السورية وعلى رأسها تركيا. غير أن تعذر تدخل عسكري تركي منفرد في سوريا أدخل المقاربة التركية للوضع في سوريا في مأزق لم تستطع أن تخرج منه حتى الآن. ومع إعادة انتخاب أوباما عبّر الرئيس التركي عبد الله غول عن خيبة أمله من الموقف الأمريكي تجاه سوريا آملا أن يكون أكثر حزما في ولاية أوباما الثانية. لا يمكن أن تتخلى واشنطن عن تركيا ولكن تركيا يمكن أن تكون أمام مرحلة خلافية أكبر مع أوباما الثاني خصوصا في ظل التوجهات المرنة لكيري وهايغل تجاه الملفين السوري والإيراني ما لم تطرأ مستجدات تعدّل من هذه التوجهات.