13 سبتمبر 2025

تسجيل

هؤلاء هم أهل المناصب والمسؤوليات

26 ديسمبر 2019

الكاريزما هبة إلهيةوليست شرطاً للقيادةوسوء استغلالها يؤديإلى نتائج سلبية القائد الناجح يحترمالآخرين ويستمعلهم ويحشد الطاقاتلتحقيق الأهداف الإداري الفاشل يجتهدفي تحميل الآخرينمسؤولية فشله في حلقتين فائتتين، تحدثنا عن القيادة بشكل عام. وتعمقنا في الحديث حول من يتمتعون بالكاريزما أو سحر الشخصية. وقلنا ما خلاصته، أن الكاريزما ليس شرطاً للقيادة، لكن إن توفرت هذه الصفة في شخص ما، مع قدرة ومهارة في التأثير على الآخرين، فلا بأس بها دون شك، مع ضرورة أن يكون هو نفسه يدرك ذلك أولاً، وأنها هبة إلهية تستوجب الشكر والحمد بالقول والعمل، ومن ثم يتجه ثانياً نحو استثمار تلك الهبة فيما ينفع البلاد والعباد، لا على العكس من ذلك، كأن تجد الشخص الكاريزمي ولضعف إيمانه أولاً، وثلة فاسدة محيطة به ثانياً تدفعه نحو عالم النرجسية أو السيكوباتية، ليجد نفسه في النهاية، فرعوناً جديداً لا يختلف عن فرعون موسى، دون أن يدرك ويستشعر ذلك، مع ما لذلك من نتائج سلبية مرعبة، إلى آخر ما تحدثنا عنه في المقالات السابقة، يمكن الرجوع إليها لمن أحب الاطلاع والاستزادة. وحتى لا نسترسل كثيراً مع الشخص الكاريزمي، نقول كخلاصة للحديث عنه، أنه شخص يجب ألا يُرشح للقيادة إن لم يكن صاحب سيرة محمودة بشكل عام، لأن القيادة الناجحة لها صفات مطلوبة، هي محور حديثنا اليوم. القائد الناجح، رئيساً كان أم وزيراً أم مديراً، ودون كثير مقدمات وشروحات وباختصار شديد: هو ذاك الشخص الذي يتواضع ويحترم من معه. التواضع واحترام الآخرين، صفتان رئيسيتان في القائد الناجح، يضاف إليهما قدرة فائقة، ليس للاستماع لمن معه وحوله فحسب، بل ينصت باهتمام حتى يعي ويفهم ما يُقال له. ثم هو يتقبل النقد الهادف بكل رحابة صدر. ثم إنه يسعد بجلب وتعيين من هم أفضل وأقوى منه في العمل، لا يخشى منهم، بل يعتبرهم إضافة حقيقية له وقوة يستعين بها على تحقيق مقاصد وأهداف المؤسسة أو الشركة أو الحكومة أو الدولة بشكل عام. يمكننا أيضاً إضافة إلى ما سبق من صفات، أن نعتبر العمل المستمر وعدم الركون إلى الدعة والهدوء وتجويد العمل والإبداع فيه، صفات أخرى أو مزايا لابد أن يتحلى بها أي شخصية قيادية. ويضاف إلى كل تلكم الصفات أيضاً، قلة الكلام. إذ هي مؤشر أو دلالة على أنه إلى الفعل يميل، ويتجنب القال والقيل. يؤمن بأن قلة الكلام المصحوب بهدوء رزين، باعث على التأمل والتفكر، وبالتالي ضمان لصناعة قرار جريء واتخاذه في وقته المناسب. القائد الحقيقي يمتلك مهارة كسب الآخرين لا سيما الذين معه، بجميع درجاتهم ووظائفهم، وجميع ميولهم وأفكارهم. مؤشر ذلك أنك تجده محبوباً من الغالبية، إلا من في أذنه صمم وفي قلبه مرض. مثلما يحبونه تجده يحبهم كذلك، وتجده يحب الخير للجميع. لا يؤذي أحداً، ولا يحسد أو يحقد على أحد. يقدّر ذوات الجميع ويحترمها. فالكل سواسية عنده، لا فرق بينهم إلا بالعمل الجاد الإيجابي النافع. يسمع وينصت للجاد المخلص – كما أسلفنا - ولا يلتفت كثيراً لمن صوته يسبق عمله. إضافة إلى ذلك يمتاز بحسن تدبير وسياسة للأمور. تجده حازماً حاسماً غير متردد وقت الفزعات، لكنه حكيم متأن متأمّل وقت الراحات. القائد الناجح يثق في قدراته، لكنه يدرك رغم ذلك، قيمة العمل الجماعي أو العمل بروح الفريق الواحد، فتراه بسبب ذلك يستشير هذا وذاك، ويسأل الصغير والكبير، ويستفيد من خبرة وعلم كل من معه، فلعل أحدهم يكون معه مفتاح الإبداع دون أن يدري، فتكون مهمته كقائد أن يتعرف عليه ويتعاون معه لفتح مغاليق الإبداع، ليكون الاثنان سبباً في أي نجاح إن حدث، حيث لا تجده ينتهز الموقف والمنصب ليستولي على النجاح، وينسبه إلى شخصه، بل هو يشارك الجميع فيه. على أن أهم ما يمتاز به في تلكم المواقف المفصلية، أنك تجده ينفرد بمسؤولية أي إخفاق أو فشل قد يقع. لا يتوارى عن الأنظار أو يلقي باللائمة على من معه، بل تجده أول الصف يعلن مسؤوليته عن الإخفاق الذي حصل.. لماذا يسلك هذا المسلك وبإمكانه التنصل أو إلقاء مسؤولية الفشل والإخفاق على آخرين لن يكترث أحد بهم؟ هذا السلوك الرفيع الراقي يحدث عن القادة الناجحين والناجحين فقط، لأن الخير عند أحدهم يعم، فيما الشر يخص. والخصوصية هاهنا يرجعها إلى نفسه كقائد، ويعتبر الفشل فشله هو أولاً قبل غيره، فيعتبر نفسه المسؤول الأول عنه. لكن ما هو سائد في كثير من مؤسسات العمل، أو في كثير من مواقف الحياة بشكل عام، هو العكس تماماً. حيث تجد المسؤول الأول في أي كيان عملي هو أول من يفلت من المحاسبة وبقدرة قادر، أو ربما تجده وقد سارع الخطى في توجيه أصابع الاتهام لآخرين، قبل أن ترتفع وتيرة الهمسات حوله ودوره كمسؤول في الإخفاق الحاصل.. أليس هذا هو الواقع؟ أهؤلاء جديرون بتولي المناصب والمسؤوليات؟ سؤال يبحث عن إجابة شافية كافية وافية.. وسلامتكم [email protected]