17 سبتمبر 2025

تسجيل

المدارس الحكومية.. والعودة المحمودة

26 ديسمبر 2016

بموجب قرار موافقة مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 6 ديسمبر 2016، على مشروع قانون بشأن المدارس الحكومية، تُلغى المدارس المستقلة، وتعود المدارس الحكومية، ويعود نبض الحياة إلى قلبها، لتحيا وتنتعش، وتتفاعل مع أفراد مجتمعها من طلبة ومعلمين وأولياء أمور ومثقفين ومعنيين بالعملية التعليمية على مستوى التعليم العام في قطر. وبعودة المدارس الحكومية المحكومة بقوانين ولوائح وقواعد وزارة التعليم والتعليم العالي المتوافقة في شكلها ومضمونها مع قيم ومبادئ المجتمع القطري الأصيلة، تعود الأمور إلى نصابها، وتوضع النقاط على حروفها، وتحدد القافلة خط سيرها لتحقيق أهدافها عبر توحيد الكتاب، والمنهج، وأساليب التعليم، وسياسات التقييم، ولوائح تعيين المعلمين، واستراتيجيات الإدارة التعليمية المركزية الضابطة المعنية بالتربية والتعليم على السواء. فأهلا بالقرار، ومرحبا بالعودة المحمودة للمدرسة الحكومية، ووداعا للمدرسة المستقلة، وشعاراتها الرنانة، ولاءاتها الثلاث البراقة؛ الذائعة الصيت المتجسدة في "لا للمنهج، ولا للكتاب، ولا للرسوب" تلك اللاءات التي شاع تداولها بشيوع ثقافة المدارس المستقلة، والمؤدية في النهاية إلى تغليب الأهواء والأمزجة الشخصية، وتمييع الفكر والتوجه التربوي السليم، وتغييب المنطق العلمي الحكيم عند بعض أصحاب التراخيص، والمعنيين بإدارة المدارس المستقلة.وهذا بدوره وفّر الكثير من الفرص السانحة لاستيراد المنهج الأجنبي من الكتاب الأجنبي الغني بالمغالطات والمخالفات والتعارضات والمحرمات والمحظورات والمدسوسات مما سمح بدس السم في العسل، والتلاعب بالقيم والأخلاق والمبادئ الإسلامية السمحة، وتغييب منطقها ومضمونها سواء أكان ذلك بقصد أو عن غير قصد من قبل كل من سولت له نفسه من خارج أهل الملة في ظل غياب أو سهو أو غفلة المسؤولين أحيانا، كالتغني بفوائد أكل الخنزير، ومتعة تذوق النبيذ، وغيرها من المزينات والملمعات والمشجعات على الاخلال بالمبادئ الدينية في مجتمعنا القطري.وهذه نتيجة طبيعية لغياب المنهج الموحد، والكتاب المعمم، والفكر التربوي الموجه والمُنَظم لحركة التغيير. ولذا، فآن الأوان للوقوف وقفة تأملية تقييمية للتفكير والتفكر والتأمل والمراجعة، واتخاذ ما ينبغي اتخاذه من إجراءات وخطوات من أجل الإصلاح وتعديل المسار. وبناء عليه، وفي ظل مضمون القرار الوزاري — الآنف الذكر — بإنشاء المدارس الحكومية، تأتي الحاجة إلى توحيد المنهج، واعتماد الكتاب الموحد المصمم في ضوء خصائص المتعلم من جهة، والمتوافق مع قيم وأعراف المجتمع المحلي من جهة أخرى، والمواكب للتطورات العلمية والتكنولوجية من جهة ثالثة، وغيرها مما ينبغي مراعاته عند تصميم المناهج الدراسية، وتأليف الكتب المدرسية. ولا يتحقق ذلك إلا بالتفكير الجدي المستفيض في إعادة إنشاء إدارة المناهج، وتأليف الكتب الدراسية الملبية لاحتياجات المتعلمين بكل فئاتهم العمرية، ومستوياتهم التعليمية، وثقافاتهم العامة.واستكمالا لذلك، ومتابعة لسير العملية التعليمية وفقا لخطط المناهج الموحدة واستراتيجياتها، والعمل على تحسينها والارتقاء بها، وتحقيق أهدافها التعليمية، فلابد من إعادة النظر أيضا في إدارة التوجيه التربوي المعنية بالإشراف التام والعام على أداء الطلبة وتحصيلهم الدراسي من جهة، وأداء المعلمين العلمي والمهني، وتوجيههم التوجيه الصحيح، وإرشادهم إلى العمل التدريسي المتقن، وتقييمهم فيما بعد من جهة أخرى. فالتعليم والتقييم عمليتان متكاملتان لا تنفصلان على الإطلاق، وكلاهما من مهام التوجيه التربوي الرئيسية، وما التقييم إلا مرآة تعكس صورة التعليم الحقيقية والواقعيه، ويمكن من خلالها الاستدلال على حالة التعليم الصحية، والتعرف على ما يشوبها من خلال واختلال. وبتكامل عمليتي التعليم والتقييم تكتمل العملية التعليمية المحكمة بكل أطرافها وأبعادها، وتتحقق أهدافها بجهود القائمين عليها إن شاء الله.