18 سبتمبر 2025
تسجيللعل أثار انتباهك مصطلح "طابور خامس" حين يكون الحديث عن الخيانات. فقد جاء في موسوعة الجزيرة أن الطابور الخامس عبارة من قاموس التآمر والمكيدة، تدل على وجود عملاء محليين غير معروفين، يشتركون في مؤامرة تُدار من الخارج ويُشكلون سندها المحلي وقوتها المتحفزة، في انتظار الإذن بالتحرك.يعود تاريخ المصطلح إلى حقبة الحرب الأهلية الإسبانية. حيث توزعت قوات الوطنيين على أربعة طوابير تزحف بشكل متواز، وفي إحدى مداخلات قائد الوطنيين التوجيهية عبر الإذاعة، أثارَ مسألة وجود طابور خامس مختف داخل العاصمة مدريد، ينتظر فقط وصول طلائع القوات القادمة ليشرع في تنفيذ المهام المسندة إليه، لزعزعة السلطات الجمهورية القائمة وتيسير سقوط العاصمة.لو تقرأ في حوادث التاريخ الكبيرة، وسقوط المدن والعواصم والحواضر المهمة، ستجد أن الخيانات الداخلية كانت من الأسباب الرئيسية للسقوط، والحوادث أكثر من أن نحصرها هنا، لكن الإشارة إلى بعضها مفيد، ومنها سقوط بغداد قديماً حين كانت عاصمة للعباسيين. ذاك السقوط المروع من أبرز الأمثلة على دور الطابور الخامس. حيث صار يقترن سقوط المدينة بالوزير ابن العلقمي الرافضي، الذي خان الخليفة وهيأ الأجواء لدخول المغول، وما جرى بعد ذلك من إهلاك للحرث والنسل، في كارثة لا ينساها التاريخ.تكرر سيناريو سقوط بغداد، مع تبديل المغول بالأمريكان، الذين عاثوا، ليس بالعاصمة بغداد فساداً وتدميراً فحسب، بل العراق كله. وكان للطابور الخامس دوره الكبير في السقوط، ممن اعتلى بعض أفراده دون حياء، الدبابات الأمريكية. فرحين بسقوط عاصمتهم!.الظروف السياسية الحالية في غالبية المنطقة، ربما مهيأة لكثير من الطوابير الخامسة أن تخرج من أوكارها، لتعيث مع الخارج فساداً وتدميرا. وكلما كان الحذر وكانت الحيطة، كلما تم تأجيل ظهورها، بل نرجو الله ألا تخرج أبداً. ولكن عدم خروجها يتطلب عملاً أمنياً دقيقاً إلى جانب توعية مجتمعية، وترسيخ معاني الولاء لله والرسول والدين ومن ثم الوطن. فتلك هي عوامل الثبات لأي مجتمع من الاختراق، ونشوء الطوابير الخامسة أو ما شابهها في الكيفيات والأهداف. و"خذوا حذركم" وصية قرآنية يجب ألا نغفل عنها أو عمن يحذرنا القرآن منهم، وما أكثرهم.