19 سبتمبر 2025
تسجيلتواجه تركيا مرحلة صعبة في الداخل والخارج: في الداخل تتواصل المعارك داخل العديد من المدن في المناطق ذات الغالبية الكردية، المعارك تحصد عشرات القتلى من مقاتلي حزب العمال الكردستاني ومن الجيش التركي ومن المدنيين، هي معارك مدن لا تنقطع حيث يقع المدنيون بين فكي الكماشة. تقارير الجيش التركي لا تنبئ بقرب انتهاء المعارك التي تتخذ مسارا خطيرا على اللحمة الاجتماعية، الآلاف بل أكثر من الناس قد تهجروا من مناطقهم. أحياء كثيرة تعرضت للضرر، الأهم بل الأخطر أن المعارك تتخذ صفة الحرب الأهلية.فحزب الشعوب الديمقراطي، الممثل السياسي للأكراد في البرلمان بستين نائبا، يقف مع حزب العمال الكردستاني ويدعو الدولة إلى وقف الحرب على المدن الكردية. فيما يقول رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان إن مرحلة حزب الشعوب الديمقراطي قد انتهت في إشارة إلى أنه لم يعد له صفة الحزب السياسي بل الحزب الذي يدعم حزب العمال الكردستاني المصنف في تركيا إرهابيا.الهدف التركي في هذه الحملة العسكرية غير واضح حتى الآن، هل هو كسر شوكة حزب العمال الكردستاني في الداخل فقط أم إنه جزء من إضعاف الحالة الكردية في سوريا والمنطقة؟ أم إنه رد فعل على اتهامات تركية بأن حزب العمال الكردستاني يتحرك بأجندا إقليمية ودولية؟ ليس من شيء واضح. لكن ما هو واضح أن تركيا لا تعيش أفضل مراحلها رغم أن حزب العدالة والتنمية انتصر في الانتخابات النيابية ولم يعد ما يهدد تفرده بالسلطة كما حصل في الانتخابات التي سبقت الأخيرة.وبدلا من فتح صفحة جديدة مع الأكراد بعد الانتصار الانتخابي كما كان متوقعا انقلبت الصورة وغرقت أجزاء من البلاد في برك دم مستمرة حتى الآن.الصورة التشاؤمية لا يرسمها خصوم حزب العدالة والتنمية فقط في الداخل بل إن الإعلام المؤيد لأردوغان بدا يقولها بصراحة. أسماء وازنة تنتقد المسار الحالي للتطورات. من ذلك الكاتب المعروف في صحيفة يني شفق علي بيرم أوغلو وهي الصحيفة الموالية بالكامل لحزب العدالة والتنمية.لكن المثل القائل بأخذ أسرار الكبار من صغارهم ينطبق على الكاتب المعروف في الصحيفة نفسها عبدالقادر سيلفي. سيلفي ليس بالطبع صغيرا ولكنه يعبّر عادة عن مكنونات الطبقة الحاكمة ولاسيَّما أردوغان ورئيس الحكومة أحمد داود أوغلو.لكن سيلفي هذه المرة لم يكن يعبر عما يختزن في قلبي الرجلين، كان يطلق صيحة أو صرخة تمرد على ما وصلت إليه الحال.تركيا تتخبط في الكثير من خطواتها الخارجية، ففي العراق مثلا لم تعد تركيا جزءا من التحالف المؤيد لحكومة بغداد لمواجهة "داعش" والذي تشكل بعد سيطرة داعش على مساحات واسعة من العراق قبل سنة ونصف، تحالف فيه دول بعيدة جدا مثل نيوزيلندا وكندا وتركيا ليست فيه. يقول سيلفي إنها اللعبة الأمريكية المزدوجة التي تساهم في محاصرة تركيا.لكن الانتقاد الواضح لسيلفي هو لحادثة إسقاط تركيا القاذفة الروسية سوخوي في 24 من نوفمبر الماضي.يرى سيلفي أنها لعبة أمريكية – روسية مشتركة، لعبة تستخدم حزب العمال الكردستاني في الداخل التركي ولعبة تدع تركيا خارج طاولة الحل في سوريا. لعبة اسمها، يقول سيلفي،"لي ذراع" تركيا، لي الذراع من أجل هندسة الوضع في العراق وسوريا لغير مصلحة تركيا، لعبة بدأ الضغط على زر بدئها بعد إسقاط الطائرة الروسية، أسقطت الطائرة وبدأ مناخ المنطقة بالتغير. ويقول سيلفي إن هذه الحادثة بدأت تثير الشكوك لديه. ويستشهد بما كان يمكن أن يسأله دائما المحلل الاستخباراتي الراحل ماهر قايناق:"من المستفيد؟". ويقول سيلفي إن له الحق في السؤال عمن المستفيد وهذا حقه. ولكن الأهم في جواب سيلفي هو التالي:"قطعا إسقاط الطائرة لم يكن لفائدتنا".وبدورنا نسأل هل كان إسقاط الطائرة فخا وقعت فيه تركيا؟ أم إنه كان خطأ كبيرا غير محسوب النتائج والعواقب؟ وفي كلتا الحالتين من المسؤول؟