11 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تحركت الدبلوماسية التونسية في غضون الأيام الماضية بكيفية مدروسة وذكية، تدلّ على أن العقل السياسي للحكم في تونس، استعاد البوصلة الحقيقية للسياسة الخارجية لتونس، بعد سنوات من التجاذبات الحزبية التي أتت على الأخضر واليابس من ثوابت الدبلوماسية التونسية واستحقاقات المرحلة والتحالفات الدولية الممكنة. ففي "غفلة" من المجتمع الدولي، توصل رئيس الجمهورية، الباجي قايد السبسي إلى لملمة "الفُرقة الليبية" في اتفاق وصف بـ"التاريخي"، من شأنه إنهاء الصراع المحموم بين الفرقاء السياسيين وأجنحتهم العسكرية، وفرض على المجتمع الدولي، استكمال الطريق من خلال تاريخ السادس عشر من ديسمبر، وهو تاريخ التوقيع على هذا الاتفاق برعاية دولية ملزمة. والحقيقة، أن الرئاسة التونسية، كانت تتوفر على هذه الإمكانية منذ فترة، لكن الحسابات السياسية الداخلية، وبعض الارتهانات الخارجية التي كشفت الأحداث خطأها، جعلتها تؤجل لمرات عديدة الذهاب بهذا الاتجاه، وكادت الحوارات في الجزائر والمغرب، تقطف ما كانت تونس أولى به بحكم العلاقات التاريخية والمصاهرات الاجتماعية والرباط الجغرا سياسي بين البلدين.وهكذا من "اتفاق جربة" في سبعينيات القرن الماضي، بين الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة والعقيد المخلوع، معمّر القذافي، والذي لم تكتب له الحياة طويلا، يأتي "اتفاق قرطاج" الأخير، ليعيد تونس إلى قلب الموضوع الليبي، وليفتح لها ـ حتى بمنطق المصالح السياسية ـ أفقا واسعا كانت بأمسّ الحاجة إليه منذ ثورة يناير 2011. أما الخطوة الثانية اللافتة في سياق الحراك الجديد للدبلوماسية التونسية، فهو اجتماع اللجنة العليا المشتركة التونسية القطرية في الدوحة، وما تمخض عنه من اتفاقيات اعتبرها المراقبون "غير مسبوقة"، خصوصا بعد فترة من "المراهقة السياسية" التي مارستها بعض النخب وقسم من الطبقة السياسية في تونس، في اتجاه إرباك العلاقات الثنائية، والدخول بها في نفق غامض لغايات انتخابية وسياسية، لم تستفد منها سوى بعض اللوبيات، التي يغيظها وجود قطر في استراتيجيات تونس أو وجود تونس في استراتيجيات الدوحة كذلك. لقد بعثت اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، برسالة واضحة للجميع، وهي أن العلاقات بين تونس وقطر، لا تندرج ضمن السياق التكتيكي، وهي بالتالي عنوان لتحالف استراتيجي ربما لم تقدر بعض "العقول الحزبية" استيعابه منذ الثورة التونسية، بل حتى ما قبل ذلك، عندما كان النظام المخلوع يتعامل مع هذا الملف بكيفية انتهازية. لقد خسرت تونس طوال السنوات الماضية، من جرّاء بعض المقاربات السياسية القاصرة، وخلطت بين "منطق الحزب"، وسياقات الدولة، فعصفت بعلاقات، وفوّتت على البلاد فرصا كانت متاحة وعلى مرمى العين، ويبدو أن رئيس الجمهورية، بحسّه الدبلوماسي ودهائه السياسي المعروفين لديه، استطاع أن يفصل نهائيا بين التحالفات المؤقتة التي تمليها ظروف حزبية وطموحات سياسية، وبين مصالح الدولة وخياراتها التي لابدّ أن تبقى فوق الاعتبارات التكتيكية والمناكفات الحزبية والإيديولوجية.