16 سبتمبر 2025
تسجيلقال صاحب السمو أمير قطر المفدى: "الربيع العربي دليل قدرة الشباب على التغيير"، الشرق 12/12/2011م، من منطلق العبارة السابقة رجعت بذاكرتي إلى النصف الأول من القرن الماضي باحثاً عن قصيدة توت عنخ آمون في الشوقيات. وفي القصيدة وجدت طائفة من أبيات الشعر يخاطب من خلالها شوقي هذا الفرعون، تأمل هذه المجموعة من الأبيات: قسما بمن يحيي العظام وأزيدك من يمين لو كان من سفر أيابك أمس أو فتح مبين وطلعت من وادي الملوك عليك غار الفاتحين وعلى نجادك هالنار من القنا والدارعين لرأيت جيلا غير جيلك بالجبابر لا يدين ورأيت محكومين قد هبوا وردوا الحاكمين هذه الأبيات من نظم الشاعر المسلم الكردي العظيم شوقي.. وتكمن عظمته أولاً: في أنه كان بين الشعراء المصريين أشعرهم ثم أميرهم. وثانيا: كان وطنيا في مقدمة الوطنيين ونفي من مصر على أنه بطل وطني مصري، ومن أجل مصر خرج إلى المنفى. وهذا يذكرنا بكردي آخر هو القائد الموهوب صلاح الدين: إذا رأيته في معاركه في مصر بجانب عمه شيراكوه تحسبه مصريا جاء لتخليص مصر من حكم العاضد آخر خلفاء الفاطميين وحلفائه الصليبيين، وفي معركة حطين تحسبه فلسطينيا، وإذا رأيته في سورية حسبته سوريا، وعندما أعاد الرضيع إلى أمه الصليبية اعتبرته الإنسان الرحيم مع أعدائه، قصدت بهذه الأمثلة إبراز الأخوة الإسلامية بل والأخوة الإنسانية على أية حال نفي شوقي، وطردت الشعوب العربية الاستعمار، وحكمت الشعوب من خلال حكامها، ولكن عندما انحرف الحكام، قام المحكومون برد الحاكمين. فهذا زين العابدين علي يهرب من تونس، والقذافي يقتل بأيدي الثوار، وحسني مبارك يخلعه شعبه، ومازالت المعارك دائرة بين الحق والباطل في سوريا واليمن. أبنائي الشباب، في هذا الوقت الهائج المائج المنقلب اجعلوا أمركم شورى بينكم، فالشورى أبرز خصائص المجتمع المسلم كما أنها في الواقع وقاية وعلاج فهي: * تشعر الفرد بقيمته وكيانه وقيمة رأيه، وتشكيل شخصيته الاستقلالية، وتأمينه على مستقبله وذلك لمشاركته باتخاذ القرار، ومن هنا يصبح القرار من اختياره، وليس مكرها عليه، لأنه ساهم بانشائه. * فرصة لتداول الآراء، والمثاقفة والمحاورة والمناظرة والمجادلة مما يؤدي إلى تفريغ الاحتقان السياسي والاجتماعي. * فرصة للإفادة من كل الآراء في اتخاذ القرار، فهي اجتماع عقول في عقل، وانضمام تجارب إلى تجربة. * تقضي على الديكتاتورية وحكم الفرد الذي يؤدي إلى الاستئثار بالرأي والحكم والمال.... إلخ. * مجال لإنضاج الرأي بعد تقليبه على وجوهه جميعا، ليخرج بعد المشاورة رأياً ناضجاً معتدلاً بعيداً عن الإفراط والتفريط. يا معشر شباب الربيع العربي، لقد ربحتم وكسبتم ثقة العرب، حكاما وشعوبا، ويطيب لي بارتياح بالغ في هذه المناسبة أن أقول: إن لي نصحا إليكم إن أذنتم وعتابا في زمان غبى الناصح فيه أو تغابا أنتم امتدادٌ لجدود خلدوا هذا الترابا قلدوه الأثر المعجز والفن العجابا وكسوه أبد الدهر من الفخر ثيابا إن للمتقن عند الرحمن والناس ثوابا اتقنوا يحببكم الله ويرفعكم جنابا اطلبوا الحق برفق واجعلوا الواجب دابا واستقيموا يفتح الله لكم بابا فبابا أيها الشباب لقد صرت من المجلس قابا فكن الحرَّ اختيارا وكن الحرَّ انتخابا هذا وبالله التوفيق...