11 سبتمبر 2025

تسجيل

العلاقات العامة الافتراضية والاتصال الاستراتيجي

26 نوفمبر 2016

في مقال سابق تكلمنا عن أهمية العلاقات العامة في عملية التنمية المستدامة ودورها الإستراتيجي في تغيير الذهنيات والعادات والسلوكيات التي قد لا تتناغم والرؤية الجديدة للتطور والنمو والازدهار. فالعلاقات العامة الناجحة والفعالة تحتاج إلى مناخ ديمقراطي وبيئة تتسم بالشفافية والوضوح والبيانات. فالفرد اليوم أصبح وبفضل تكنولوجية المعلومات يتمتع بوسائل عديدة ومتنوعة للحصول على البيانات والمعلومات وهذا يعني أن المنظمة يجب أن تتكيف مع جمهورها وفق المعطيات الجديدة التي تميز المجتمع الرقمي. من جهة أخرى المنظمة الناجحة هي تلك المتفوقة والمتميزة في مجالها سواء تعلق الأمر بالسلع أو الخدمات وكذلك وهذا شرط أساسي هو تفوقها وتميزها في مجال الاتصال الإستراتيجي وبناء الصورة وإدارة السمعة. التحديات الكبيرة التي تواجهها مهنة العلاقات العامة هي التطورات السريعة التي يشهدها عالم الإعلام والاتصال والمعلومات ما يعني أنها مهنة محكوم عليها بالتطور السريع وبمواكبة ما يجري محليا وإقليميا وعالميا على جميع المستويات. فالعلاقات العامة تبدأ بالرأي العام وتنتهي بالرأي العام وإذا كان المجتمع لا يحترم الرأي العام فالعلاقات العامة في هذه الحالة لا تستطيع أن تقوم بإنجاز الكثير من مهامها الإستراتيجية داخل المنظمة. فالعلاقات العامة تعني الممارسة الديمقراطية للاتصال بمختلف أنواعه وأشكاله داخل المنظمة وخارجها وهذا يعني حرية الفكر والرأي والتعبير وكذلك احترام الرأي الآخر والأخذ به إذا كان رشيدا وصائبا. من جهة أخرى تقوم العلاقات العامة أساسا على الفرد وهذا يعني أننا لا نستطيع أن نبني علاقات صحية وقوية وناجحة بين المنظمة وجماهيرها إذا لم نحترم الفرد. فالفرد هنا هو رأسمال المنظمة واحترامه يعني ممارسة درجة عالية من الديمقراطية ومن الحرية المسؤولة عند تعامل المنظمة معه. والعلاقات العامة ما هي إلا تجسيد لاحترام الفرد واحترام حريته ورأيه ووجهة نظره. تواجه العلاقات العامة في الوطن العربي تحديات كبيرة جدا نظرا للتطور الكبير الذي تشهده المنطقة في المجال السياسي والاجتماعي والثقافي. فالربيع العربي يعتبر ثورة في مجال التواصل الاجتماعي والعلاقات بين المكونات المختلفة للمجتمع التي استفادت من التطور الهائل في مجال تكنولوجية الاتصال. هذه المعطيات كلها تتطلب وجود إدارات علاقات عامة قوية وفعالة سواء في القطاع العام أو الخاص لأن المنظمة الحديثة بحاجة إلى مستوى عال من الاتصال والتعامل مع جماهيرها المختلفة. فالعولمة الاقتصادية تتطلب درجة عالية من الاتصال والمعلومات والتعامل مع الجماهير. إن تصاعد وتنامي أهمية الرأي العام في المجتمع وكذلك انتشار الديمقراطية ونضج المجتمع المدني وانتشار تكنولوجية الاتصال والمعلومات كلها عوامل تفرض حاجة المنظمة المتنامية للعلاقات العامة وكذلك الحاجة إلى الاهتمام بالجمهور وبالرأي العام وهذا ما يؤدي إلى نمو وتطور العلاقات العامة وانتشارها والحاجة الماسة إليها في مختلف أنواع المنظمات (حكومية، خاصة، تجارية، سياسية، خدمية...الخ. من جهة أخرى نلاحظ توجه المنظمة الحديثة إلى الإدارة بالأهداف التي تؤمن بالدراسة والتخطيط الإستراتيجي وبالبيانات والمعطيات العلمية لصناعة القرار حيث ضرورة التوجه نحو الإبداع والابتكار والاحترافية والتميز في التعامل مع المشاكل التنظيمية والإدارية وقضايا الجماهير المختلفة؛ فالقرن الذي نعيش فيه يفرض عولمة العلاقات العامة التي تقوم أساسا على الاحترافية والقيادة والتميز والأخلاق. ما تحتاجه العلاقات العامة اليوم في الوطن العربي هو النهوض بها من ذهنية التسبيح والمدح والبهرجة الإعلامية والتركيز على الوظائف الروتينية إلى الاتصال الإستراتيجي وثقافة بناء الصورة وإدارة السمعة. من جهة أخرى يجب على ممارسي العلاقات العامة أن يوّظفوا التقنيات الحديثة للاتصال خاصة شبكات التواصل الاجتماعي والانترنيت في الأنشطة المختلفة للعلاقات العامة. فالإدارة الناجحة للعلاقات العامة هي تلك التي تركز على استغلال الفضاء الرقمي لبناء قنوات اتصال فعالة وعملية لتحقيق أهداف المنظمة والحصول على رضا جماهيرها.