11 سبتمبر 2025
تسجيلتتجه الأنظار غدا إلى العاصمة النمساوية "فيينا" انتظارا لقرارات منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" التي تواجه أشد التحديات منذ 10 أعوام، وتتطلب الإصلاحات السريعة الموافقة على تخفيض حاد في الإنتاج إلى حين الوصول إلى حالة توازن بين العرض والطلب، فهل تقوم المنظمة بإصلاح سريع وتخفض الإنتاج؟ أو أنها ستلقي بالتحديات على عاتق المنتجين الآخرين، الإبقاء على السعر منخفضاً أو هبوطه أكثر على المدى القصير؟ لتجد نفسها في موقف لا تحسد عليه، لمواجهة تراجع أسعار النفط التي انخفضت إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات، بمقدار الثلث بما أفزع البعض من هذا التهاوي في الأسعار العالمية المصحوب بالتكهنات عن مزيد من التراجعات في العقود الآجلة، والدعوة لتعزيز التعاون فيما بين دول المنظمة والدول المنتجة من خارجها مثل روسيا، لمناقشة الإجراءات المشتركة لمواجهة تراجع الأسعار، في ظل الشكوك حول مواقف البعض من الدول الغنية المنتجة التي تبدى استعدادا أكثر لما يقرره السوق حول ماهية مستوى الأسعار الجديد، مثل الكويت والإمارات والسعودية التي تعد أكبر المنتجين بين أعضاء أوبك إذ تبلغ صادراتها حوالي 59 ألف برميل يوميا في سبتمبر الماضي، بالرغم من مؤشرات على تخمة المعروض في السوق والانقسامات التي بدأت تتنامى قبيل اجتماع المنظمة غدا حيث يدعو بعض الأعضاء الصغار في أوبك إلى خفض الإنتاج لضبط الأسعار برغم شدة حاجتهم إلى العائدات، بينما يستبعد البعض قدرة "أوبك" بمفردها على ضبط الأسعار والحيلولة دون مواصلة انخفاضها، لأن سوق النفط أصبح يشهد واقعا جديدا، لا يريد البعض أن يتقبله بسهولة، نتيجة للمتغيرات الاقتصادية، التي أدت إلى تراجع واردات الولايات المتحدة من نفط "أوبك"، نظرا لزيادة إنتاجها من النفط الصخري بصورة كبيرة ومن ثم أدى إلى تراكم فائض من النفط منذ بداية 2014 ، إلى جانب أن تباطؤ النمو في بعض الاقتصاديات الكبرى بمعدلات أقل من المتوقعة، سيكون له تأثير كبير على الطلب على النفط بدءا من العام المقبل2015، لذلك سيكون من الصعب الاتفاق على قرار موحد لخفض الإنتاج ، على الرغم من أن إنتاج "أوبك " الحالي من النفط سيؤدي إلى وفرة في المعروض في عام 2015 ، في الوقت الذي ينخفض فيه الطلب العالمي على خامات أوبك إلى ما بين 29.2 مليون برميل يوميا و29.5 مليون برميل يوميا، وحتى لو أصدرت "أوبك" بيانا بخفض الإنتاج، لأنه قد لا يطبق على الواقع ، نظرا للشك في مدى الالتزام بذلك ، خاصة من الدول المنتجة التي تحتاج إلى تمويل لمشروعاتها الاستثمارية وتخشى من نقص الدخل نتيجة لانخفاض الإنتاج، حيث تتعرض ميزانيات الدول المنتجة لضغوط من جراء هبوط الأسعار لأدنى مستوياتها في أربعة أعوام، ولكن يرى بعض المراقبين لسوق النفط العالمي أن هناك عوامل مصطنعة للتأثير على أسواق النفط العالمية نتيجة للأحداث السياسية التي تقع في العالم، نتيجة للحرب التي تشنها أمريكا ودول أخرى لمحاربة روسيا باعتبار أن مبيعاتها من النفط تشكل واحدة من الركائز الأساسية لاقتصادها، حيث تعتبر أكبر منتج للنفط الخام في العالم، وقد وصل إنتاجها في شهر سبتمبر من العام الحالي إلى 10.6 مليون برميل يوميا، وأن الانخفاض في أسعار النفط يدخل ضمن العقوبات الغربية على روسيا، في إطار الأزمة الأوكرانية القائمة، بجانب الحظر الغربي على توريد المعدات النفطية والتوجه الأوروبي لتنويع مصادر الطاقة، لذلك فإن روسيا لا ترغب في خفض الإنتاج لأنه سيكون صعبا بالنسبة لها ، لأنها تعتمد في ميزانيتها كثيرا على إيرادات تصدير النفط، كما أنها تفتقر إلى «التكنولوجيا» اللازمة لتعديل مستوى الإمدادات سريعا، لذلك فإنها ستعمل على اتخاذ إجراءات لتجاوز الصعوبات والتحديات الماثلة أمامها وفي مقدمتها إيجاد أسواق جديدة في منطقة آسيا والمحيط الهادي، وتحفيز تطوير التكنولوجيا اللازمة محليا، بالإضافة إلى العمل على توفير المعدات والتقنيات لقطاع النفط من خلال التعاون مع كوريا الجنوبية والصين للتغلب على آثار العقوبات المفروضة عليها، فهل ستخاطر "أوبك" وتبقي على سقف الإنتاج الحالي دون التغيير وهو إنتاج 30 مليون برميل يوميًا، أو تخضع للمطالبة بخفض إنتاجها مليون برميل يوميا، فهل يتمكن الأعضاء من اتخاذ قرار يعيد القوة لهذه المنظمة ويبعد عنها تأثير الصراعات السياسية التي تؤثر على مستقبل المنظمة ومدى قدرتها على مواجهة التحديات؟