10 سبتمبر 2025

تسجيل

التحدي الأكبر

26 أكتوبر 2019

كغيرها من دول العالم تواجه دولة قطر تحديا كبيرا في مجال الأمن السيبراني على مستوى الوزارات والمؤسسات والأجهزة المختلفة في الدولة وجمعيات المجتمع المدني وكذلك الأفراد، لا سيما القطاعات الحيوية المتعددة ومنها قطاع الإعلام والاتصالات وقطاع المال والأعمال وقطاع التجارة وقطاع الطاقة وغيرها. ويعتبر الفضاء الإلكتروني من أكثر الفضاءات أهمية واستراتيجية والأكثر عرضة للاختراق وللتلاعب في أي لحظة، والإضرار ببيانات الدولة والوزارات والشخصيات العامة والحكومات فيعتبر من التحديات التي تؤرق مختلف دول العالم، ومن هنا يتوجب تكثيف الجهود والتعاون في هذا المجال للحيلولة دون تمكين المغرضين من تحقيق أهدافهم وللحفاظ على سلامة أفراد المجتمع وشبكات البنية التحتية في المؤسسات وتدعيمها بكل وسائل الأمن والحماية. يعتبر الأمن بمختلف أنواعه ومجالاته وأشكاله من أهم التحديات التي تواجه الدول خاصة في الأزمات. فهناك الأمن الغذائي والأمن المائي والأمن الإعلامي والأمن المعلوماتي... الخ. ومن أهم ما تواجهه الدول في العصر الرقمي وعصر المعلومات الأمن السيبراني والذي يعرف بأنه "مجموعة من الأدوات التنظيمية والتقنية والإجرائية، والممارسات الهادفة إلى حماية الحواسيب والشبكات وما بداخلها من بيانات من الاختراقات أو التلف أو التغيير أو تعطل الوصول للمعلومات أو الخدمات، ويعد توجها عالميا سواء على مستوى الدول أو حتى المنظمات الحكومية أو الشركات". فمصطلح الأمن السيبراني جاء من لفظ السيبر المنقول عن كلمة (Cyber) اللاتينية ومعناها الفضاء المعلوماتي، ويعني مصطلح الأمن السيبراني cyber security "أمن الفضاء المعلوماتي" من كل جوانبه، وهو عبارة عن تعبير شامل عن العالم الافتراضي الذي يحوي كل ما يتعلق باستخدامات وآليات وتطبيقات وتجهيزات تقنية المعلومات والحاسب الآلي، والترابط فيما بينها من خلال شبكات الحاسب والاتصالات والانترنت. فجريمة قرصنة وكالة الأنباء القطرية "قنا" ما هي إلا مثال صارخ على خطورة التلاعب بالأمن السيبراني والعبث بسيادة وكرامة الدول والنيل من أحد مرتكزات الحكومات. فالقرصنة استغلت بطريقة غير أخلاقية ولا تمت بصلة للدبلوماسية والعلاقات الدولية التي تقوم على الاحترام المتبادل. وكان الهدف من القرصنة هو بثّ تصريحات كاذبة منسوبة لصاحب السمو أمير دولة قطر، وهي التصريحات التي اتخذتها دول الحصار ذريعة لفرض حصار جائر على قطر. هذه القرصنة هي الحافز الرئيسي لوضع استراتيجية وطنية للأمن السيبراني ترسم الخطوط العريضة لخريطة طريق تعزز الأمن السيبراني في دولة قطر وتساهم في إنشاء وتعزيز فضاء إلكتروني آمن لحماية المصالح الوطنية لدولة قطر والحفاظ على الحقوق والقيم الأساسية للمجتمع القطري سواء تعلق الأمر بالإدارات الحكومية والوزارات والمؤسسات العامة والخاصة والأفراد. ما يعني أنه يجب العمل على نشر ثقافة الأمن السيبراني وكذلك نشر وتطوير آليات مكافحة الجرائم الإلكترونية، وزيادة الوعي بأخطارها وتداعياتها على الدولة والمؤسسات والأفراد بهدف رفع وتعزيز مستوى الأمن المتعلق بهذا النوع من الجرائم في المنظمات والمؤسسات العامة والخاصة، بالإضافة لمواكبة التكنولوجيا والتقنيات الحديثة التي من شأنها أن تجعل الأنظمة الإلكترونية أكثر أمنا وفاعلية ونجاعة، وأكثر قدرة على مواجهة التحديات التي تهدد الأمن السيبراني للتصدي للجرائم العابرة للحدود والهجمات الإلكترونية. فاستراتيجية الأمن السيبراني تهدف إلى التنسيق بين الجهات المختلفة بهدف التصدي لكل الجرائم المحتملة. فالأمر إذن يتطلب تنظيم دورات متخصصة وبرامج تستهدف تدعيم الأمن السيبراني على المستوى الوطني بالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية، وكذلك التنسيق على المستوى الدولي مع الجمعيات والمؤسسات ومراكز الأبحاث والجامعة ذات الخبرة والتجربة في المجال بهدف الاستفادة وتبادل التجارب. كما تعمل استراتيجية الأمن السيبراني على تكثيف الجهود وتوحيدها مع الشركاء للخروج بآليات وبرامج عملية تكفل حماية برامج الأمن السيبراني للمؤسسات لتدعيم شبكات البنية التحتية ضد القرصنة، ورغم وجود تطور في أنظمة بعض المؤسسات لكنها ليست بمنأى عن الهجمات الإلكترونية بسبب تطور آليات وأساليب القراصنة الإلكترونيين ومن هنا لابد لجميع المؤسسات من وضع خطة لتطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات داخل المؤسسات. فكل مؤسسة مطالبة بوضع منظومة لأمن المعلومات وسياسة محكمة ومدروسة لضمان أمنها المعلوماتي والتصدي لأي جريمة قرصنة من شأنها أن تضعها في خطر. فالأمن السيبراني يعتبر من أهم التحديات التي تواجهها قطر والذي يجب أن يعطى أهمية قصوى. فنشر ثقافة الأمن السيبراني ونشر ثقافة حماية وتفادي وقوع أي أضرار من شأنها أن تضع الفرد والمؤسسة والمجتمع ككل في خطر. إن ارتكاب الجرائم السيبرانية كان حتى وقت قريب يقتصر على أفراد أو مجموعات صغيرة، لكن مع اتساع شبكات الإنترنت أصبحت هذه الجرائم أكثر تعقيدا وانتشارا، إذ تمكنت من إلحاق أضرار كبيرة بالشركات والمؤسسات ودول بكاملها. إن الأمن السيبراني لا يمكن ضمان حمايته من خلال نشر أحدث وسائل التكنولوجيا فقط، بل يجب أن يأخذ في الاعتبار أيضا الأشخاص والعمليات التي تتفاعل مع النظم فالأمن السيبراني منظومة تتركز حول عناصر أساسية منها نشر الوعي بين الأفراد، وإبراز أفضل الممارسات، ومعرفة أفضل الوسائل لضمان الأمن الذي يحتاجه الجميع مؤسسات وأفرادا. ولضمان الأمن السيبراني فلا بد من التركيز على البحث العلمي والتطوير والتعاون المشترك في الأمن السيبراني والذي يعتبر أولوية وطنية لمواجهة التحديات المستمرة والمتجددة وإيجاد حلول مبتكرة لحماية البنية التحتية الحساسة والقطاعات الحيوية الصناعية والمالية والصحية والبترولية والغازية وكذلك التركيز على التعاون العلمي على المستوى المحلي والدولي وبناء شراكات قوية بهدف الاستفادة من آخر البحوث والدراسات والاختراعات في هذا المجال، كما يجب التركيز على نشر ثقافة الوعي السيبراني ورفع مستواه في دولة قطر. تهدف استراتيجية الأمن السيبراني إلى تعزيز حماية الشبكات وأنظمة تقنية المعلومات وأنظمة التقنيات التشغيلية ومكوناتها من أجهزة وبرمجيات، وما تقدمه من خدمات، وما تحويه من بيانات، مراعية في ذلك الأهمية الحيوية والقصوى المتزايدة للأمن السيبراني في حياة المجتمعات، ومستهدفة التأسيس لصناعة وطنية في مجال الأمن السيبراني تحقق لقطر الريادة في هذا المجال انطلاقاً مما تضمنته رؤية قطر 2030. [email protected]