14 سبتمبر 2025
تسجيللابد من التوجه لتأسيس مثل هذه الدار أسوة ببعض دول الخليج المجاورة بما يساير العصر ويخفف من إثارة البلبلة بين الناس بلا فائدة على الدار أن تضم متخصصين في الفقه والسياسة والاقتصاد والأسرة والاتصال لتصبح مرجعاً دينياً رسمياً للدولة ورعاية شؤون الناس جميعاً باتت الحاجة ضرورية لتأسيس "دار الافتاء" في قطر، أسوة بما هو متبع في الكثير من البلدان العربية والاسلامية، ومنها بشكل خاص بعض دول الخليج المجاورة التي سبقتنا إلى تأسيس مثل هذه الدار منعاً للتشدد والغلو في نشر الفتاوى الشرعية بما ينشر "ثقافة الاعتدال" ويحقق الفائدة للجميع. وأصبح الامر يتطلب ضرورة منع البلبلة التي تحدث داخل المجتمع عندما تثار قضية ما أو موضوع ما يتصل اتصالا مباشرا بالحياة الاقتصادية أو الاجتماعية أو الشرعية، وهو ما يجعل الكثير يبحث عن توحيد الفتاوى في مثل هذه الظروف بما يحقق الاستقرار في الرأي وعدم تشتيته بل العمل على توحيده. خلال الفترة الأخيرة والسنوات القليلة الماضية أثار الكثير من الفتاوى داخل المجتمع زوبعة وضجة كبيرة بخصوص التضارب في التحليل والتحريم، وبخاصة في الاكتتاب بأسهم وشركات البورصة، واصبح الكل يفتي "على كيفه"، حتى تعددت الفتاوى ولم تحدد الحقيقة، بل كانت تتناقض وتتضارب في الغالب!! ** الحاجة لدار الافتاء انشاء "دار للافتاء" على ارض قطر يجعل الفتاوى غير مشتتة، بل يجعل الناس على قلب واحد دون اثارة للبلبلة او تضارب في الآراء، وهذا ما علمنا اياه ديننا الاسلامي الحنيف. والحاجة لمثل هذه الدار كذلك تأتي من باب توحيد الآراء وجعل المسلم اكثر تمسكا بدينه ومعرفته لحقوقه وواجباته تجاه هذا الدين والعمل بتشريعاته بما يرضي الله عز وجل. وهذه الدار لا يكمن دورها في الفتاوى الفقهية فقط — كما يعتقد الكثير من الناس — بل يكون ايضا من خلال الافتاء تجاه قضايا العصر الاخرى سواء كنت السياسية او الاقتصادية او الدينية او الاجتماعية، وهو ما يهدف لتنوير افراد المجتمع بمختلف شؤونهم الحياتية. ** أهداف دار الافتاء ويجب تحديد المبدأ الاساسي من انشاء هذه الدار، مثل: — المهام والاهداف والسياسات. — إداراتها وأقسامها وفروعها. — شيوخها وعلماؤها — فتاوى وبيانات الدار — الخدمات التي تقدمها.. الخ. ** استقلالية دار الافتاء يجب على هذه الدار ان تتمتع بالاستقلاية التامة، وعدم تدخل الآخرين في شؤونها الداخلية، كما يجب كذلك منحها كافة الصلاحيات بما يخدم الدين اولا والمجتمع بمؤسساته ثانيا. أما أهم الاهداف من إنشاء دار للإفتاء فهي كثيرة، ومنها كما يؤكد عليها العالم الجليل الدكتور محيي الدين القره داغي، تكمن في عدة مهام منها: — تمتع دار الإفتاء بالاستقلالية يمنحها الحرية في إصدار الفتاوى. — ضرورة أن تضم الدار متخصصين في الفقه والسياسة والاقتصاد والأسرة. — وجود لجنة الفتوى بوزارة الأوقاف لا تغني عن وجود دار للإفتاء — أن تضم بعض المتخصصين من أهل الأفكار الوسطية المعتدلة، وهم يختارون رئيساً لهم أو أميناً عاماً للإفتاء. مع الالمام بتحقيق الشروط الاتية: الشرط الأول: العلم بما يأتي علماً إجمالياً إن لم يكن تفصيلياً. الشرط الثاني: أن يكون لديه فقه بالمبادئ الكلية والقواعد العامة لهذه الشريعة كمبادئ العدالة والشورى والحرية وكرامة الإنسان والمساواة ونحوها. الشرط الثالث: أن يكون لديه فقه المقاصد الشرعية بما فيها فقه المصالح والمفاسد وفقه الموازنة بينهما في حالة تعارضهما، وفقه سد الذرائع وفقه المآلات. الشرط الرابع: أن يكون لديه فقه الميزان أو الموازين بحيث يعرف ميزان كل باب من أبواب الفقه. الشرط الخامس: شروط داخلية من العدالة والتقوى والورع وعدم الازدواجية بين قوله وفعله والهيبة. الشرط السادس: فقه التنزيل أي تنزيل النصّ، أو العلة على الواقعة أو النازلة وذلك بأن تكون لدى المفتي القدرة العلمية على تنزيل الدليل على الواقعة التي وقعت، والنازلة التي جدت، وذلك لأن عملية الفتوى تتكون من ثلاث مراحل هي: المرحلة الأولى وهي معرفة الدليل من النصّ أو العلة أو نحو ذلك، والتعرف من خلال الاجتهاد على الدليل المطلوب الذي ذكرناه في الشرط الأول. والمرحلة الثانية وهي فقه الواقعة والعلم بها علماً يحقق الغرض المنشود، ويؤدي إلى تصورها تصوراً دقيقاً. والمرحلة الثالثة وهي الربط بين الدليل والواقعة، وتنزيله عليها وبعبارة أخرى تنزيلها عليه. أما الشرط السابع: أن يكون لديه فقه الواقع، والأعراف والأزمان والأشخاص ومعرفة الناس. ** توحيد فتاوى شركات الأسهم: ولعل من أكبر الفتاوى اهمية في الوقت الراهن يتعلق بتوحيد الفتاوى الشرعية التي تتعلق بالاكتتابات في شركات الاسهم التي تطرح في البورصة في كل عام، وهل هي محللة ام محرمة؟، والتي دائما ما تجعل الناس يدخلون في حيرة قبل الاكتتاب فيها بسبب تضارب الفتاوى من قبل بعض العلماء، وهو السبب الرئيسي في عدم اقبالهم على الاكتتابات. ولذلك فوجود "دار للافتاء" يحل الكثير من المشاكل وينهي الغموض في المسائل الشرعية بما يهم الناس ويخفف ويزيل الكثير من الشكوك في بعض المسائل. ** كلمة أخيرة: مطلوب من "دار الافتاء" تعيين الشخص المؤهل، والفقيه البصير، والعالم القادر الذي يمتلك القدرة على الاستنباط والترجيح، خاصة عند الاختلاف.