02 نوفمبر 2025

تسجيل

ماذا وراء الحملة على فيدان - أردوغان؟

26 أكتوبر 2013

انفجرت المواجهة، الإعلامية على الأقل حتى الآن، بين تركيا وبين الغرب، ولاسيَّما الولايات المتحدة الأمريكية. المسألة بدأت مع مقالة لدافيد ايغناتيوس في 17 أكتوبر الجاري في صحيفة الواشنطن بوست واتهم فيها رئيس الاستخبارات التركية حاقان فيدان بتسريب معلومات في وقت سابق من العام 2012 إلى إيران عن عشرة جواسيس إيرانيين يعملون لمصلحة الموساد الإسرائيلي. واكتملت سلسلة الاتهامات بأكثر من مقالة سبقت مقالة ايغناتيوس وتلته عن التوجهات الإسلامية لفيدان. اختلفت التفسيرات لتوقيت نشر خبر حول قضية تعود إلى أكثر من سنة ونيف. وتفاوتت التعليقات التركية بين أثر من تفسير. الأول أن للحملة على فيدان صلة بالتقارب الإيراني- الأمريكي بعد المحادثة الهاتفية بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الإيراني الجديد الشيخ حسن روحاني. وتقف إسرائيل وراء هذه الحملة على الإدارة الأمريكية أساسا من أجل اتخاذ خطوات تنعكس سلبا على التقارب الإيراني- الأمريكي الجديد بذريعة حماية الأمن الإسرائيلي ومنع التعاون الاستخباراتي مع إيران من جانب تركيا. الثاني أن إسرائيل منزعجة من الحملة عليها من جانب المسؤولين الأتراك رغم أنها قدمت اعتذارا على لسان رئيس حكومتها بالذات بنيامين نتنياهو عن حادثة سفينة مرمرة. ومن تلك الاتهامات التركية أن إسرائيل واليهود وقفوا وراء أحداث ساحة تقسيم وحديقة غيزي في مطلع الصيف الماضي. والثالث أن الحملة على فيدان مرتبطة بقضايا تتعلق بخيارات السياسة الخارجية لتركيا وآخرها الصفقة التي اتفقت تركيا بشأنها مع الصين للتزود بصواريخ بالستية بعيدة المدى بقيمة 4 مليارات دولار. وقد قامت قائمة الغرب وحلف شمال الأطلسي على الصفقة من جانب دولة عضو في الحلف. وتركزت الانتقادات على أن النظام الذي تعمل به الصواريخ الصينية لا ينسجم مع نظام صواريخ الغرب سواء الأمريكية أو الفرنسية- الإيطالية المشتركة، خصوصا صواريخ الباتريوت المنصوبة في تركيا ضد سوريا وروسيا وإيران. وقد بررت تركيا الصفقة بأنها ستكون أرخص بـ 500 مليون دولار وتضمن نقل التكنولوجيا إلى الأتراك التي يرفض الغرب إعطاءها للأتراك. وبالتالي فإن الحملة على فيدان تستهدف إلغاء صفقة الصواريخ الصينية وعودة تركيا إلى بيت الطاعة التسليحي الغربي. والتفسير الرابع أن الغرب، وهذا ورد في أكثر من مقالة في أمريكا وبريطانيا، يتهم حاقان فيدان بأنه وراء تسليح الجماعات الأصولية في سوريا والمرتبطة بتنظيم "القاعدة" والتي يعتبرها الغرب خطرا عليه ويأمل أن تسفر الحملة عن توقف تركيا عن تسليح هذه الجماعات خصوصا في مرحلة التحضير لتسوية سياسية للأزمة السورية. والتفسير الخامس أن الغرب من وراء هذه الحملة لا يريد أن تمضي تركيا قدما في محاولة عرقلة انعقاد جنيف 2 الخاص بالأزمة السورية، خصوصا بعدما ظهر أن تركيا كانت من بين اللاعبين الذين لم يكن لهم يد في مسار التسوية الذي دبت الحرارة فيه بعد الاتفاق على تدمير الأسلحة الكيماوية السورية بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية. ومما سبق يتبين أن الحملة الغربية الجديدة على تركيا تتجاوز شخص رئيس الاستخبارات التركية حاقان فيدان لتطال جوانب مختلفة من سياسة تركيا الخارجية وبالتالي فإن المستهدف هو رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو. ذلك أن فيدان ليس سوى موظف ماهر ومخلص ينفذ السياسات العامة التي يرسمها الثنائي أردوغان- داود أوغلو. وعلى صلة بهذا الهدف يذكّر بعض المراقبين بحملة التشهير التي بدأت ضد أردوغان من جانب الغرب منذ أحداث "تقسيم- غيزي" في يونيو الماضي والتي قد تكون عكست مناخا في الغرب بأن وقت تخلي أردوغان عن السلطة قد حان، ليس لجهة إخراجه نهائيا منها، ولكن التحضير لأجواء أن أردوغان، لا يجب أن يبقى المسؤول التنفيذي الأول في تركيا كرئيس للحكومة والأفضل أن يترشح لرئاسة الجمهورية في صيف 2014، حيث لا يحمل هذا الموقع صلاحيات واسعة كما رئيس الحكومة، وإعادة الرئيس الحالي عبد الله غول إلى رئاسة الحكومة والذي يعتبر أقرب إلى الغرب وأقل عداء لإسرائيل ما دامت توازنات القوة داخل تركيا تميل بشكل ساحق لحزب العدالة والتنمية وبدلا من تغيير السلطة كليا، وهذا متعذر، الأفضل تغيير النهج بتغيير الشخص.