12 سبتمبر 2025

تسجيل

المالكي إلى واشنطن

26 أكتوبر 2013

بعد زيارة المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي إلى بغداد قبل أيام إلى بغداد ولقائه المسؤولين العراقيين في إطار التحضير لمؤتمر جنيف 2، ها هو رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يستعد لزيارة واشنطن في وقت تشهد فيه العلاقات بين البلدين فتوراً ملحوظا منذ زيارة المالكي قبل نحو عام إلى موسكو وعقد معها صفقات أسلحة بعدة مليارات، ربما كانت الولايات المتحدة تعتقد أنها صاحبة الحق الحصري بخصوص توريد السلاح إلى العراق. زيارة المالكي العاصمة الأمريكية تكتسب دلالات عديدة خاصة أنه سبقه إليها زعيم المعارضة العراقية إياد علاوي بعد تلبيته دعوة من نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الفائت وفقاً لما تؤكده بعض المصادر العراقية. هذا في البعد الداخلي المتأزم على الصعيد السياسي، والمتردي على الصعيد الأمني. أما لجهة دلالتها الإقليمية فهي تأتي في لحظة تاريخية فارقة تعيشها دول المتوسط بشكل عام، حيث نشهد تقاربا، وإن كان خجولاً، بين واشنطن وإيران لأول مرة منذ الثورة الإسلامية يقابله، في آن، فتور في العلاقات الأمريكية السعودية على خلاف ما درجت عليه العادة بين البلدين، في حين عبَّدَ التقارب الأمريكي الإيراني الطريق أمام جنيف لحل الأزمة السورية. إذن، تكهنات كثيرة تلف أبعاد الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء العراقي إلى واشنطن.. هي ملفات ساخنة كثيرة يتأبطها المالكي في زيارته. بعضها داخلي بحت، وبعضها إقليمي صرف. أما العلاقات بين البلدين فموضوع ذو شجون، البتّ في هذه الملفات أو النقاش حولها أمرٌ لا يحتمل التأخير لكلا البلدين.. فالعلاقات بينهما ليست اليوم على ما يرام، حيث تمايزت المواقف العراقية عن نظيرتها الأمريكية في القضايا الداخلية والإقليمية. لم يساند المالكي الأمريكيين في موقفهم سوريا، ولا اتفق معهم في رؤيتهم لبرنامج إيران النووي، بل هناك اتهامات أمريكية مبطنة لحكومة المالكي بدعم مباشر وغير مباشر للرئيس الأسد، والتغاضي عن الطائرات الإيرانية المتوجهة إلى دمشق. الأزمة السياسية العراقية هي أيضاً بالغة التعقيد.. عنف يتزايد في طول البلاد وعرضها وقد ارتفع بشكل ملحوظ هذا العام قياساً على الأعوام السابقة، وهو أوجد قلقا كبيراً لدى الحكومة العراقية بعد ولادة ما يعرف بدولة العراق الإسلامية في الشام والعراق، وتوافد المقاتلين من وإلى العراق عبر سوريا ثم التنامي في العمليات الانتحارية التي تشهدها المدن العراقية كافة والتي توحي بعودة، وإن كانت بطيئة، للحرب الأهلية التي شهدتها البلاد بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، وهو ما يخيف الولايات المتحدة والعراق على السواء، ولاسيَّما المالكي نفسه، حيث كان يتفاخر بقدرته على الحدّ من عمليات العنف خلال توليه للحكومة، الآن الأمر بدأ ينعكس كما يرى البعض، إذ تحولت سياسات المالكي إلى عقبة أمام الحلّ. وما يعكس مؤشرات التوتر السياسي مؤخراً عدم التوافق على قانون الانتخاب خلال المداولات في البرلمان.. المالكي الذي تمكن من ترؤس الحكومة لولايتين اثنتين يطمح لثالثة إذا ما أمكن ولعله هنا يطرح نفسه ضامناً للأمن في البلاد ووسيطا إقليميا بين طهران وواشنطن في الملف النووي. الأزمة السورية ملف آخر، وحلّها لا يقل أهمية بالنسبة لبغداد عما هو عليه بالنسبة للسوريين، فتداعياتها الثقيلة على العراق سياسياً وأمنياً أمر لا تخطئه العين، وللمالكي في حلّ الأزمة مقاربة تختلف عن رؤية واشنطن، وقد أسمعها المالكي للمبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي خلال لقائه إياه في بغداد. ومن الاختلاف في الرؤية مع واشنطن إلى التنوع في الإستراتجية، قل إن شئت: صفقات السلاح مع روسيا واحدة منها. لا شك أن صفقات السلاح مع واشنطن والتعهد الأمريكي السابق بدعم العراق في مواجهة العنف مطلب أساسي في جعبة المالكي إلى واشنطن، لكن الأخيرة لها حساباتها أيضا، فما الذي قد تحصل عليه مقابل عودة المالكي إليها؟ وما وجه العلاقة بين زيارة كل من النجيفي وعلاوي قبل المالكي إلى واشنطن ونحن على أبواب انتخابات برلمانية قادمة تواجهها تحديات عديدة، منها تزايد عمليات العنف التي قد تحول دون إجراء هذه الانتخابات وصولا إلى رغبة المالكي الملحة على الترشح لولاية ثالثة؟ الإجابة ربما تكون فيما قد يسمعه المالكي في واشنطن!