26 أكتوبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يعتبر كثير من المراقبين أن عهد أوباما هو العهد الذي بلغ فيه الدعم الأمريكي لإسرائيل ذروته وأنه بالفعل أوفى بالعهود التي قطعها على نفسه فقد قال مرة "لا أريد للتاريخ أن يسجل أن إسرائيل ضعفت في عهدي" وأمام جمع من اليهود في كنيس "أداس إسرائيل" قال أوباما "إن التزامي بضمان أمن إسرائيل لا يتزعزع وسيظل دائما هكذا ". وفي هذا السياق وقعت الولايات المتحدة وإسرائيل منتصف الشهر الجاري مذكرة تفاهم تمنح الأولى بموجبها للثانية وعلى مدى السنوات العشر القادمة (38) مليار دولار ويبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد آثر إبرام الصفقة في عهد أوباما بالشروط الأمريكية مفضلا عدم انتظار الرئيس القادم ورغم الاختلاف حول أهمية هذه المساعدات وتقليل البعض في إسرائيل لأهميتها باعتبار أن اقتصاد إسرائيل اقتصاد متنوع ومتطور ومصدر للسلاح إلا أن ذلك لا يدحض الحقيقة القائلة بأن الدعم الأمريكي الغربي المادي والسياسي هو الذي أبقى هذه الدولة على قيد الحياة حتى الآن. وكما أشارت صحيفة كريستيان منيتور الأمريكية فقد كلفت إسرائيل الولايات المتحدة ماليا منذ العام (1973) وحتى الآن (1.6) تريليون دولار أي أن كل مواطن أمريكي دفع لإسرائيل 5700 دولار ونقلت الصحيفة عن توماس ستوفار وهو خبير اقتصادي في واشنطن قام بحساب تكلفة دعم الولايات المتحدة لإسرائيل ــ أنّ الرقم المذكور يمثل أكثر من ضعف تكلفة الحرب في فيتنام". وفي كتابه الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية قال روجيه جارودي "إن الولايات المتحدة قدمت لإسرائيل في الفترة مابين (1948 ــ 1954) (7) مليارات دولار بينما قدمت لدول أوروبا الشرقية مجتمعة في سياق خطة مارشال (13) مليار دولار أي أن إسرائيل التي يقل عددها ـ آنذاك ـ عن مليوني نسمة قد حصلت على أكثر من نصف ما حصل عليه (200) مليون أوروبي وبعبارة أخرى فقد حصل كل فرد إسرائيلي على خمسين ضعف ما حصل عليه كل فرد أوروبي "فالحروب التي شنتها إسرائيل على جيرانها العرب والفلسطينيين دفعت الولايات المتحدة تكلفتها وما حققته من ازدهار اقتصادي موّله بلا شك دافع الضرائب الأمريكي فإسرائيل ليست مجرد دولة تمتلك جيشا ولكنها جيش يمتلك دولة كما قال يشياهو ليبوفيتزفي كتابه "إسرائيل واليهودية" و"قوة القبضة اليهودية تأتي من القفاز الأمريكي الفولاذي الذي يغطيها ومن الدولارات التي تبطنه"، فإذا انقطع المدد انهارت إسرائيل. الدعم الحقيقي الذي ميز أوباما ليس القبة الحديدية أو طائرات إف 35 أو تمكينه إسرائيل من الحصول على الغواصات التي تحمل الرؤوس النووية أو المساعدات المالية السخية أو إفراجه عن الجاسوس الأمريكي اليهودي جوناثان بولارد الذي لم يقبل أي رئيس قبله الإفراج عنه..إلخ بل يتمثل فيما رتبته سياساته من تغيير في عالمنا العربي فالمتأمل في خريطة الوطن العربي في 20 يناير 2009 يجد تغيّرًا كبيرًا فيها اليوم فدول عربية عديدة أصبحت أشباه دول فإما وهنت أو دخلت في صراعات وحروب وشعب بكامله تقريبا انتهى إلى اللجوء والشتات فإستراتيجية أوباما في سوريا والعراق تعمدت إنجاز هذه النتيجة فقد وقفت منذ اليوم الأول ضد الثورة السورية وقيدت المعارضة واستهدفتها وسمحت للنظام السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة في الوقت الذي أطلقت فيه يد إيران وميليشياتها ووكلائها ليس في العراق فحسب بل وفي سوريا كما لم تسمح بإقامة منطقة عازلة آمنه للمدنيين الفارين من جحيم الحرب في الوقت الذي تعمل فيه اليوم على إطلاق يد الأكراد ليقتطعوا جزءا من سوريا لإقامة دولتهم ولا تزال رغم تعهداتها لتركيا تلقي لهم الأسلحة من الجو حتى ينفذوا مخططهم في المنطقة على حساب وحدة وسلامة سوريا وتركيا في آن واحد. إستراتيجية أوباما إذن أدت في نهاية المطاف إلى تشريد الشعب السوري ودخول روسيا كلاعب أساسي في الإقليم وتعقيد الأزمة السورية وترجيح تقسيم سوريا ولم تكتف إدارة أوباما التي تخلت عن حلفائها العرب ــ بتفتيت وإنهاك المنطقة حول إسرائيل لتبقى الأخيرة الوحيدة الأكثر أمنا وتماسكا في المنطقة وإنما قامت في الأسبوع الماضي بمنع الكونجرس من التصويت على مشروع قانون يهدف إلى فرض عقوبات جديدة على أي هيئة تتعامل بشكل تجاري أو مالي مع الحكومة السورية أو أجهزة الأمن التابعة لها بما في ذلك روسيا وإيران كما قال جيف داير في الفاينانشال تايمز إن البيت الأبيض هو الذي غلّ يد كيري بشأن إحياء الهدنة بإصراره على عدم التدخل في الأزمة السورية وبتركه الأسد يفعل ما يشاء في المدنيين وبهذه العرقلة لعمل الكونجرس الأمريكي وبهذا الغطاء لأعمال القتل للمدنيين في حلب وباقي المدن السورية تثبت إدارة أوباما أنها الأكثر دعمًا لإسرائيل والأكثر عداءً للعرب.