12 سبتمبر 2025

تسجيل

"سيف عبد الفتاح.. ضمير الثورة المصرية"

26 سبتمبر 2015

هل أخطأ الدكتور سيف عبد الفتاح حين استقال من موقعه ضمن الفريق الرئاسي للدكتور محمد مرسى؟.. ثم هل تحميله للرئيس محمد مرسي المسؤولية السياسية عن الدماء التي أريقت في الاتحادية جريمة ينبغي أن يعاقب عليها ؟! وهل مجرد حديثه في مثل هذه الأمور يخرج عن اللياقة وقواعد المروءة ؟!يحزنني أن أتناول مثل هذه البديهيات المفهومة بلا تفهيم والواضحة وضوح الشمس لكن يبدو أننا لازلنا بحاجة لمناقشة البديهيات حتى ننتقل لما هو بعدها وهو الأهم حيث مشروع يناير الذي لا يحتاج فقط إلا إلى القليل من الوعي والجهد في إطار مراجعة شاملة ودقيقة لأخطاء المرحلة الماضية ومن ثمّ القدرة على استكمال الطريق بنجاح وكفاءة عالية.بداية لابد أن أؤكد على المؤكد وهو أن الدكتور سيف عبد الفتاح ليس مجرد أستاذ للعلوم السياسية بل هو قامة وطنية شامخة يندر وجودها في هذا العصر التي تلوثت فيه الكثير من القامات واهتزت فيه الكثير من النخب فضلا عن أنه يحمل رؤية واضحة ومشروعا متكاملا للنهوض ببلادنا وإخراجها من أسر الاستبداد وقيود التبعية إضافة إلى أنه لم يكتف بمحراب العلم والتنظير الذي لم يكن لأحد أن يلومه لو اكتفى به بل قرر أن ينزل بعلمه ووعيه وقلبه وجوارحه إلى قلب المعركة التي تتطلب من التضحيات الكثير وناله بالفعل منها الكثير وربما منها ملاحقته بالتهم الزائفة التي اعتاد النظام الانقلابي على توجيهها لكل الشرفاء ومن ثمّ ملاحقتهم عبر قضاء مسيس أو إنتربول يجري شراؤه.أما عن استقالته من الفريق الرئاسي زمن الاتحادية التي يعتبرها البعض هروبا من المسؤولية فهي فعلا هروب لكنه هروب من مسار كان واضحا أن الرئيس قد وقع أسيرا له ولم يعد بقدرة أحد أن ينصحه بمغادرته بما في ذلك تصوره للتعامل مع الدولة العميقة والثورة المضادة التي كانت آخذة في التشكل وماضية بوضوح نحو تحقيق أهدافها.وكم كان بليغا ومعبرا عن الحالة السياسية التي بلغتها الثورة في هذه اللحظة حين أعلن عبارته الوجيزة المحملة بكل معاني الموقف الباطنة والظاهرة حيث "التحنيط" و"ضيق الأفق" وهي العبارة التي وقفت أمامها يومها مشدوها من فصاحتها فضلا عن تعبيرها بشكل كامل عن أهم عناصر الموقف، ومن ثم فقد أشارت إلى مآلاته وتداعياته دون أن تستفيض.أما عن كون الرئيس مسؤولا مسؤولية سياسية عن الدماء التي سالت في عصره فهذه أيضا بديهية أخري وإلا لما قلنا رئيس ومازلنا نقول الرئيس ؟! علما بأن المسؤولية السياسية تختلف تماما عن المسؤولية الجنائية وقد كان بوسع الرئيس أن يبرئ نفسه من هذه الدماء التي سالت والتي كان غالبها _يا للعجب_ من دماء أنصاره ومع ذلك فقد نجحت الثورة المضادة في تحميله للمسؤوليتين واستغلت ذلك في التأليب عليه.أما عن اعتبار مثل هذا الحديث خروجا عن آداب اللياقة وقواعد المروءة فهذا خطأ أفدح ينم عن عدم إدراك المجال الذي نعمل فيه _ فضلا عن عدم إدراك طبيعة الصراع الذي نخوضه_ وهو مجال العمل الوطني والذي هو ملك للشعب كله ليس لفصيل معين ولا تيار محدد، ولا يمكن لهذا العمل أن يثمر أو أن يتقدم خطوة واحدة للأمام ما لم تتم المكاشفة بالأخطاء التي وقعت وأسباب ذلك وإلا فإننا سنؤتي من ذات الثغرة مئات المرات دون أن نعلم من أين نؤتى.. وهذا ما تأباه الفطرة السوية فضلا عن طبيعة العقل الإنساني المبرمج على الاستفادة من الأخطاء..تحية للدكتور سيف عبد الفتاح ضميرا يقظا للثورة المصرية ولكل المخلصين الذين لا يزالون يدافعون عن حلم يناير أعظم حلم حلمته مصر الحديثة.