20 سبتمبر 2025

تسجيل

وحدة المعارضة السورية.. هل ستقضي على الداء؟

26 سبتمبر 2011

مرة أخرى بل مرات لابد لنا أن نعيد التذكرة والذكرى إلى المعارضة السورية الشريفة عسى أن يكون في الإعادة إفادة ولا ريب أن الذكرى تنفع المؤمنين، ومن البداية يجب أن نتفهم أنه كما للمعارضة الميدانية المساندة للثورة أهميتها المتميزة في الداخل، فإن للمعارضة في الخارج دوراً كبيراً سيما أنها كثيرة الحجم متعددة التنوع رغم أنها مازالت بطيئة التحرك والتحرق في مواكبة أحداث الانتفاضة على الأرض من جهة وكذلك فإن الوعي الناضج المختمر المطلوب لهذه المواكبة مازال بحاجة إلى تفعيل فهو عند البعض مازال خطيرا وفجا في التعاطي مع مشهد الثورة مع أن الموازين في سوريا قد قلبت عما كانت عليه قبل ستة شهور فقد تجاوز الشعب جدران الخوف وأصبحت الهبة التائقة إلى الحرية بكل جرأة وصراحة مكشوفة للعالم أجمع وتقدم في سبيلها كل أنواع التضحيات الأسطورية والبطولات الفريدة التي تسجل هذا التاريخ بالدم والصبر والتحدي بالإرادة الحديدية النابعة من حب الله والوطن والبارزة في جميع الاحتجاجات والهتافات ضمن مئات البؤر في هذا الوطن ضد نظام بربري وحشي بعصابة عائلية لا يهمها أن تسحق الملايين في سبيل البقاء والتشبث بالسلطة لقهر العباد والاستفراد بثروات البلاد. ومن هنا يأتي نداؤنا ورجاؤنا ببكاء القلوب قبل العيون للمعارضة أن تعمل على توحيد صفوفها فما كان شعار جمعة الثوار الماضية يدعو إلى وحدتها إلا لأهميته وأولويته داخليا وخارجيا حتى رأينا العديد من اللافتات ترفع شعار الآية الكريمة (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، "آل عمران: 103"، (ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا)، "الأنفال: 46"، ونحن نعرف حكمة السري الرفاء: إذا العبء الثقيل توزعته أكف القوم خف على الرقاب وقول معن بن زائدة: تأبى العصي إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت آحادا وإذا النمل اجتمع انتصر على السبع كما قال سعدي الشيرازي وكما في المثل الكيني: إذا اتحد أفراد القطيع نام الأسد جائعا. أقول فيا أيتها المعارضة هل نصل قريبا قريبا حتى نرى الأسد ينام جائعا أو يلقى جزاءه خاضعا خانعا؟ إن التوحد هو الذي يهزم الشرذمة والتبعثر في الرؤى شذر مذر وهو الذي يجعل البعيد قريبا والبغيض حبيبا وهو بذلك أولى مواصفات أي معارضة مخلصة صادقة شريفة لأنه الدواء والشفاء ولا يليق بكم أن يقال لكم: كاد المريض أن يموت والأطباء مختلفون! ان الوطنية الحقيقية التي يجب أن تتمثلوها واقعا على الأرض هي الحياة الحقيقية لكم أنى كنتم، فالأوطان ليس لها مكان، وهذه الوطنية إنما تعمل ولا تتكلم كما قال قاسم أمين وهل يكون موضع لوطني يبحث عن المصالح قبل المبادئ مثلا وعن المغانم دون المغارم لا يهمه إلا أن يحجز مقعدا في الطائرة القادمة دون التفكير بجموع المسافرين، ويحضرني في هذا قول أمير البيان شكيب أرسلان: الفكر الوطني بالأجيال القادمة أما السياسي فيفكر في الانتخابات القادمة فمع من أنتم؟ اصدقوا ربكم وضمائركم تكن لكم قدم صدق عند ربكم ويكن لكم القبول عند الجماهير كما قال أمين الريحاني: ازرع الصدق والرصانة تحصد الثقة والأمانة، وذلك لأن الصدق منجاة والكذب مهواة ويكفينا في هذا نصيحة مالك بن دينار: لو وضع الصدق على جرح لبرأ ويا أحبابنا في المعارضة ثقوا بالله وبأنفسكم وتبادلوا هذه الثقة في تعاملاتكم مع اخوانكم في أي معارضة، بل حتى مع غير المسلمين إن كانوا عون صدق على نصرة الثورة وإن قلوا وما ذلك إلا لأنكم بهذه الثقة تنتصرون على أنفسكم فتكونون أقوياء وكذلك ستلهمون الآخرين الثقة كما قال غوته وبذلك تسودون كما قال شوقي: كم واثق بالنفس نهاض بها ساد البرية فيه وهو عصام ثم عليكم بالعدل في كل ما تقولون وتعملون وحذار أن تغلب الشهوة والطرفية والعنصرية في مجالس معارضتكم فتسيئوا التوزيع عدديا أو تضربوا من يكون تحت السيطرة وتبعدون الأكفاء إذ عندها لن يكون فرق كبير بينكم وبين الذين نعاني من ظلمهم في هذا المجال. فبالعدل قامت السماوات والأرض، وإننا أمام صناعة حياة وطنية حرة ديمقراطية ودولة مواطنة تعددية فلا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى. نقولها للعلمانيين والليبراليين واليساريين والإسلاميين جميعا تجاه بعضهم بعضا، فالعدل سائس عام والجور عارض خاص، كما قال علي رضي الله عنه والعدل كالغيث يحيي تربتكم وهو السيف الذي لا غمد له كما قال محمد عبده وإن أي مجلس أو هيئة أو لجنة تقوم من قبلكم لا عدل فيها فهي النهر دون ماء فما الفائدة، فالعدل أساس الملك وهو مع القوة والأمانة ضمان لصاحبه بينما القوة دون عدالة كما في بلادنا سابقا واليوم فهي طاغية تفرق ونحرق. أين الغيورون الذين يقدمون مصلحة الأمة على ذواتهم ولا ينامون الليل من أجل أن يستريح الأحرار لو قليلا، يرون الدماء تنزف فيبكون من قلوبهم ويواسون ويعينون بكل ما يستطيعون، فالغيرة بناءة والغفلة هدامة وأي وجدان وضمير لمن يبقى صامتا حياديا أمام ما يجري من مآسي تنهد لهولها الجبال الراسيات. ولذا وبهذه المناسبة فإننا نرى أن أي معارضة لا يكون هدفها إسقاط النظام ومحاكمة المجرمين هي معارضة دونية لا ترتقي إلى مستوى مطالب الداخل من جهة أنها ستحاور النظام وستكون خائنة لدماء الشهداء وستكون قاصرة النظر في التعاطي مع أناس لا ينفع معهم الحوار أبدا لأن فاقد الشيء لا يعطيه ومتى صح الحوار مع أعداء الشعب إلا إذا صح حوار الذئب مع القطيع. ولذا ما قد يسمى معارضة في الداخل لبعض الجهات والتنسيقيات التي تقوم مؤتمراتها بإذن النظام ويسمح للحضور الإعلامي أن يغطيها لن يأتي من ورائها خير لسوريا وإنما ستكون حال حدوث انضمامها إلى حكومة معارضة برئاسة بشار كالجبهة الوطنية التقدمية التي دعيت إلى طبخة الحكومة فأكلت منها ولم تشارك بأي رأي حولها فكانت جزءاً لا يتجزأ من كل ظلم وقع على الشعب الصابر المسكين، والذي يدل على ذلك أن المعارضة التي هبت في الداخل قبل شهرين باسم مؤتمر الإنقاذ هو جمت مقراتها في الغابون واستشهد ستة عشر شهيدا كيلا يسمح بقيامه فاستعاض الأحرار أن قاموا به في تركيا، وهكذا وبعد هذه الدماء الغزيرة في طول سورية وعرضها يجب ألا نقنع إلا بمعارضة قائمة على معايير الحق والعدل وإسناد الثورة بكل حق وصدق وشفافية وأن يكون أول شعاراتها التي تسعى إليها إسقاط النظام بكامل أركانه والحفاظ على السلمية ما أمكن والبعد عن الطائفية وما شابهها، وعلى المعارضة الشريفة ألا تكترث بالشماعة التي ينصبها الغرب والشرق وقاصرو النظر في الوطن ان البديل عن النظام الحالي الإسلاميون، فهذه خدعة وشعبنا السوري قالها في جميع المظاهرات انها دولة مدنية ديمقراطية وأن الثورة تعادي الطائفية ولا تفكر في الثأر وإن كانت تصر على محاسبة الجناة وطنيا بل دوليا، إن على جميع كتل المعارضة أن تلتئم تحت سقف واحد يتنازل فيه الوطنيون لبعضهم في سبيل المصلحة العليا للشعب الصابر المصابر والشباب الأخيار الذين ينتظرون وحدة المعارضة بفارغ الصبر لتكون خير سند لهم بعد الله تنصرهم وتخدمهم في المحافل الإقليمية والدولية ضد هذه الطغمة المجرمة، فلا فائدة في معارضة لا تتحرك ولا تتحرق لصون أهلها في الداخل، ولعله من العيب علينا أن نرى الغرب مثلا يضغط على النظام الغاشم بالعقوبات وما عليها وإن إيران وحزب الله وروسيا والصين تقف معه ونحن مازلنا بعداء عن التوحد الحقيقي أمام هذا الخطر، لقد قالت العرب: إن المحن تذهب بالأحن، فهل تبقى الرواسب وبعض تصفيات الحسابات بين أي كتلة أو شخصية مانعة من التوحد لإنقاذ العباد والبلاد أو أن الغليان الوطني الذي حقه أن يزداد ثورة وخاصة بعد اختطاف الفتيات في حمص وتعذيب الشهيدة زينب الحصني وإعادتها إلى أهلها بعد أيام مقطعة أربع قطع مشوية الرأس سيجعل المعارضة ذات إحساس مرهف استجابة للدين والغيرة والشرف ألا وثبة عمرية وهبة وليدية وحكمة عربية إسلامية تنقذ الموقف فإن الله سائلنا جميعا يوم القيامة وقد خاب من حمل ظلما. [email protected]