13 سبتمبر 2025
تسجيلأطل علينا شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، وهو ما يستوجب منا، ويفرض علينا، التعامل معه، نهاره وليله، بوضعية خاصة، تختلف عن باقي الشهور الاخرى. الوضعية الخاصة التي اتحدث عنها لا تعني الموائد ذات الاصناف المتنوعة، والتي غالبا يرمى ما تحتويه، ولا تعني أطنانا من المواد الغذائية والاستهلاكية، ولا تعني موازنات مالية هي اضعاف ما تصرف في أشهر عدة، وفي نفس الوقت لا اعني كذلك العبادة الشكلية التي يسعى البعض للخروج بها في هذا الشهر فقط، الوضعية الخاصة التي أود الاشارة إليها في كلمات مبسطة هي التأسي بأخلاقيات هذا الشهر، نريد أخلاقا نخرج بها من هذا الشهر الفضيل والعظيم، أخلاقا تظل مع صاحبها طوال العام. هذا الشهر، اضافة الى كونه شهر القرآن، فإنه في الوقت نفسه شهر للأخلاق الفضيلة، التي يجب علينا أن نبدأ معها صفحة جديدة في هذا الشهر العظيم، الاسلام اخلاق وتعامل مع الآخر، ما جدوى الصيام والقيام والركوع والسجود. . إذا لم تكن اخلاقنا مع الآخرين أخلاقاً تبرز الصورة الناصعة للاسلام، هذا الدين العظيم، الذي تشوّه صورته اليوم على أيدي من ينتسبون الى الاسلام، أكثر من أعدائه او المتربصين به. الترجمة العملية للمائدة الروحية لهذا الشهر الفضيل، هي في استعدادنا لاعادة هيكلة سلوكياتنا واخلاقياتنا وأفكارنا وتعاملنا مع الآخر، ومن ثم الخروج بأفراد آخرين تماما، ومختلفين عن قبل ما دخلوا الشهر، اشكاليتنا اننا نخرج من هذا الشهر كما دخلناه، اللهم زيادة الوزن! العبادة الحقيقية هي التي تغير الفرد للأفضل، وتجعل منه نموذجا فريدا في حياته اليومية، أخلاقا وسلوكا، فالعبادة فرضت ليس لتؤدي شكلا دون روح، او كنوع من العقاب الإلهي، او مجرد تأدية واجب، العبادة يفترض انها تعيد صياغة الفرد، فالله عزوجل يقول عن الصلاة (ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)، إذن هي ليست مجرد ركوع او سجود او قيام، وشهر رمضان المبارك هو الآخر فرصة لتجديد الروح، وتجديد الفكر، وتجديد السلوك، وتجديد الأخلاق، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول (انما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق)، لم يقل انما بعثت لتعليم الناس الصلاة او الصوم او الحج، على الرغم من اهمية كل فرض من فروض الاسلام، إلا ان الاخلاق هي الترجمة لكل هذه الفرائض العظيمة التي يدعو اليها الاسلام. نريد استثمارا لهذا الشهر الفضيل في التغذية الروحية والفكرية والأخلاقية، نريد ان نخرج من هذا الشهر ونحن اكثر التزاما بروح الاسلام، لانريد ان نمتنع عن الأكل، او نعاقب انفسنا بالجوع، واذا ما أفطرنا أفسدنا كل العبادات التي قمنا بها. نريد أن تتغير نظرتنا لهذا الشهر الفضيل، شهر القرآن الكريم، الذي نريد ان يحكم حياتنا وتصرفاتنا وسلوكياتنا اليومية، شهر رمضان مرتبط بالقرآن، الذي بدأ بالتنزل على الرسول في هذا الشهر، والرسول صلى الله عليه وسلم كانت اخلاقه القرآن، فهل نتأسى بأخلاق رسولنا؟ وهل يشهد هذا الشهر تحولا في اخلاقياتنا نحو الافضل أم سنخرج من هذا الشهر كما دخلناه؟ الاجابة تتوقف على كل فرد منا. كل عام وأنتم بخير. . وتقبل الله طاعاتكم، وعساكم من عواده ان شاء الله.