13 سبتمبر 2025
تسجيلتوقعات بنمو جيد للاقتصاد المحلي هذا العام كان موضوع مستقبل النمو الاقتصادي في قطر من بين الموضوعات المهمة التي استحوذت على جانب من دردشات العيد هذا العام، وكان السؤال المطروح هو عما إذا كان التراجع في عدد السكان الذي تنبأت به لجنة السكان إلى 2.1 مليون نسمة بحلول عام 2025 سوف يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي في قطر خلال السنوات السبع القادمة.. فما هو النمو الاقتصادي؟ وما هي العوامل المؤثرة فيه؟ بداية أشيرإلى أن النمو الاقتصادي في بلد ما هو التغير الذي يطرأ على ناتجها المحلي الإجمالي-أي مجمل نواتج جميع أفراد المجتمع والشركات والمؤسسات العاملة فيه- في فترة زمنية محددة، غالباً ما تكون سنة ميلادية. والناتج المحلي الإجمالي = حاصل ضرب الكميات المنتجة من كافة السلع والخدمات، في أسعارها المتحققة خلال الفترة. وفي حين حقق الاقتصاد القطري معدلات نمو مرتفعة جداً حتى عام 2013 نتيجة للزيادة السنوية المضطردة في نواتجها من الغاز، وارتفاع سعره، فإن النمو الاقتصادي قد تحول إلى تراجع أو سالب في عامي 2015 و 2016 نتيجة التدهور الذي لحق بأسعار النفط من ناحية، وتوقف نمو الطاقة الإنتاجية للغاز المسال عند مستوى 77 مليون طن بعد عام 2011 من ناحية أخرى. وقد عاد النمو الاقتصادي موجباً في عام 2017 بنسبة 9.9%، نتيجة عودة أسعار النفط والغاز إلى الارتفاع. الجدير بالذكر أن الإرتفاع المشار إليه في الأسعار قد تحقق نتيجة اتفاق المنتجين الرئيسيين في الأوبك وخارجها على ضبط معدلات إنتاجهم من النفط من ناحية، وانخفاض انتاج النفط الصخرى الأمريكي بعد تراجع الأسعار في عام 2016. وخلال هذا العام 2018 سيحقق الاقتصاد القطري نموا معقولا قد يصل إلى 3% أو أكثر نتيجة ارتفاع سعر النفط إلى أكثر من 70 دولاراً للبرميل، مع توقع استقراره حول هذا السعر بقية العام. وفي السنوات القادمة قد ينخفض سعر النفط نتيجة التوقعات بعودة ارتفاع انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة ثانية. ومن ثم فإن سعر النفط لن يكون داعماً للنمو الاقتصادي في السنوات التالية، باستثناء ما سيؤدي إليه رفع الطاقة الإنتاجية من الغاز المسال إلى 100 مليون طن سنوياً من زيادة في النمو في سنة ما، بعد اكتمال مشروع التوسعة. ولأن الناتج المحلي الإجمالي يتكون أساساً من ناتج قطاعين هما قطاع النفط والغاز من ناحية، والقطاعات الأخرى بخلاف النفط والغاز، لذا فإن تراجع إجمالي نواتج القطاعات الأخرى بعد عام 2020 سيكون تأثيره سلبياً على النمو الاقتصادي في قطر. وهذا التراجع المتوقع في إجمالي نواتج القطاعات غير النفطية ناتج عن عاملين أساسيين: أولهما: قرب انتهاء تنفيذ العديد من برامج تطوير البُنية التحتية، بما في ذلك بناء الجسور وشق الطرق وبناء المدارس والمستشفيات والأندية الرياضية، والمولات والأسواق، ومحطات الطاقة الكهربائية، وغيرها. ومن المتوقع لذلك أن يتراجع عدد السكان تدريجيا بعد أن وصل ذروته في عام 2018. وهذا التراجع سيؤثر بدوره على إجمالي الاستهلاك المحلي.. المعروف أن الناتج المحلي يُعرف أيضاً بإنه محصلة: "إجمالي الإستهلاك +إجمالي الصادرات – إجمالي الواردات+ صافي التكوين الرأسمالي". وبسبب تراجع الإستهلاك الناتج عن تراجع عدد السكان، فإن الناتج المحلي سيكون مستقرا ثم ينخفض، وخاصة عندما يتراجع عدد السكان إلى 2.1 مليون نسمة بحلول عام 2025. الجدير بالذكر أن الطلب على السلع والخدمات سيتراجع، في وقت توسعت فيه إمدادات العرض في فترة الزيادة السريعة في عدد السكان، وينتج عن اختلال جانبي العرض والطلب، أن تنخفض أسعار السلع الإستهلاكية والخدمية، فينخفض إجمالي الإستهلاك نتيجة انخفاض الأسعار، ومن ثم يضغط ذلك سلباً على الناتج المحلي الإجمالي وفق المعادلة المشار إليها أعلاه. وقد بدأت بعض ملامح انخفاض الأسعار في العامين الأخيرين بانخفاض معدل التضخم في قطر إلى مستوى 0.2% سنوياً، أو أقل.