16 سبتمبر 2025

تسجيل

هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين

26 أغسطس 2017

ما زال الحصار الجائر المفروض على قطر يفضح يوما بعد يوم، كلا من السعودية والإمارات والبحرين ومصر وما زالت الفضائح تتوالى وتملأ صفحات الجرائد العالمية ووسائل الإعلام المختلفة وشبكات التواصل الاجتماعي. فمن تسييس الحج إلى تسييس الرياضة والتعليم العالي إلى التدخل السافر في شؤون الدول كتركيا واليمن وليبيا والقائمة تطول. بالنسبة للإعلام فالأمر وصل إلى اللا معقول، حيث تفننت دول الحصار من خلال وسائل إعلامها في التشويه والتضليل وفبركة الوقائع والأحداث. والأخطر في الموضوع أن دول الحصار لم تستطع أن تثبت ادعاءاتها وتقدم للمنظومة الدولية الأدلة الدامغة لاتهاماتها العديدة الموجهة ضد دولة قطر. فمطالب دول الحصار جاءت ضعيفة، ركيكة ولا أساس لها قانونيا ما يعكس بكل بساطة غطرسة دول لم تحترم القوانين والأعراف الدولية. فما قامت به دول الحصار ضد الطلاب القطريين المتمدرسين فيها يندى له الجبين، وأين ذنب طلاب أبرياء يطلبون العلم. بالمقابل نلاحظ أن دولة قطر تعاملت مع طلاب دول الحصار بلباقة وأسلوب حضري سهلت ودللت كل الصعوبات أمامهم وهذا ينم عن إستراتيجية ناجحة اعتمدتها دولة قطر في التعامل مع الأزمة وإلى حد كتابة هذه السطور لم تقم قطر بأي تصرف يخرج عن القانون الدولي والأعراف الدولية. وكان بإمكان قطر أن تقطع الغاز المسال عن إمارة أبو ظبي والقانون يسمح لها بذلك لكنها تصرفت بحكمة وبأخلاق عالية ولم تفعل. الغريب في الأمر أنه إلى حد كتابة هذه السطور لم تقدم دول الحصار أي دليل عن اتهاماتها الموجهة لدولة قطر بل بالعكس عديد من المنظمات الدولية استنكرت اتهام قطر بدعمها للإرهاب بل أكدت أن قطر دولة فعالة في مكافحة الإرهاب وعلى رأس هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية. والمؤسف له أن إعلام دول الحصار بدلا من العمل على تهدئة الأمور والدعوة للحوار والطرق السلمية الحضرية لمعالجة الأزمة نلاحظ تصعيدا خطيرا وبعيدا عن أخلاقيات الممارسة الإعلامية. لاحظنا حملات دعائية عشواء ضد قطر. أكاذيب وافتراءات على المباشر وفي فضائيات تدعي المهنية والموضوعية. المؤسف أن المؤسسات الإعلامية ومراكز الأبحاث وغيرها تم تجنيدها للمساهمة في الظلم والحصار الغاشم والافتراء والتضليل والتشويه. وهنا يتساءل المواطن العربي أين نحن من العلم والموضوعية والمهنية وأين هو المثقف العضوي الذي يوجه الأمة وصانع القرار لما فيه خير البلاد والعباد. أين هي النخب المثقفة؟ أين هم رجال الدين؟ أين هم الإعلاميون وصناع القرار لإصلاح البين والدعوة إلى التعقل والبصيرة والعقل والمنطق. ما لاحظناه وهذا ليس غريبا على الإعلام العربي هو التنظير للحاكم مهما كانت التوجهات والقرارات صحيحة أم خاطئة. فالحاشية هنا سواء كانت إعلامية أم سياسية أم مالية كلها "تطبل" و"تزغرد" للحاكم ولا يوجد من يتجرأ ويقول إن الأمر بحاجة إلى دراسة وتبصر وتروي. ما لاحظناه في أزمة الخليج أزمات عديدة ومتنوعة تشمل كل القطاعات والمجالات. فأزمة المثقف العربي تجلت مكوناتها وشاهدنا أئمة مع الأسف الشديد ينظرون للظلم والفساد وهلاك الأمة، كما قرأنا لكتاب ومحللين وسياسيين ومثقفين مقالات يندى لها الجبين. أين هو إذن ضمير الأمة وأين هو مصيرها عندما يهرول الجميع في اتجاه الفساد والقرار الارتجالي الخاطئ. فأي إعلام نتكلم عنه عندما نحصي 1120 مقالا صحفيا و3500 تغريدة و600 كاريكاتير كلها تسيء لدولة قطر بدون حق وبدون تأسيس وبدون أدلة وبدون أخلاق وبدون ضمير. سموم تبث يوميا لتلويث عقول الشعوب العربية والرأي العام المحلي والإقليمي والدولي. أمة ضحكت من جهلها الأمم. دول الحصار دفعت أموالا طائلة لوكالات علاقات عامة ولشركات الدعاية المأجورة. وهنا يتساءل المواطن العربي ماذا لو وظفت هذه الجهود والأموال للتلاحم والتآزر من أجل الأخوة والوحدة والتضامن لتسعد الأمة بوطن عربي متحد وقوي يعمل من أجل إسعاد شعوبه. كشفت الأزمة عن غطرسة وعنجهية دول الحصار في محاولة الهيمنة والسيطرة على سيادة دولة وعلى حرية واستقلالية صاحب القرار فيها وهذا يتنافى جملة وتفصيلا مع الأعراف والمواثيق الدولية. هل تجرأت فرنسا أو ألمانيا على فرض إرادتها على دولة مثل اللكسمبرغ أو أيسلندا أو فنلندا؟ ولماذا تسيطر بعض الدول العربية على جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي؟ هل كبر حجمها من حيث المساحة والسكان يسمح لها بالاستيلاء على اللجان المختلفة وعدم تدوير الأمين العام مثلا. وكنتيجة لكل هذا نلاحظ فشل هذه الاتحادات والمنظمات وإفلاسها. الأزمة الخليجية كشفت عن عيوب عديدة عششت في مجالات عديدة في الوطن العربي.. في الإعلام والسياسة والاقتصاد والتعليم والثقافة والرياضة... وفي كل ما يخطر بالبال. أزمة كشفت عمن يريد شراء الذمم وشراء الأقلام المأجورة وشراء وكالات العلاقات العامة والإعلام ومراكز البحث وغيرها بهدف فرض الباطل والسيطرة على الآخرين بدون حق. أزمة كشفت المستور وأسقطت الأقنعة عن أنظمة مفلسة تتستر وراء القيام بتصرفات وأدوار أكبر منها بكثير وليست بحاجة إليها في المقام الأول. دول صغيرة على الخريطة الجيوسياسية تحاول تقليد أو منافسة قوى عظمى فاعلة في النظام العالمي. دول تنفق مليارات الدولارات للقيام بانقلابات والتدخل في شؤون دول أخرى وشعوبها تعاني من مشاكل عدة. حبذا لو أنفقت هذه الأموال في مجال التعليم والبحث العلمي والبنية التحتية.