16 سبتمبر 2025

تسجيل

مرشحو الرئاسة الأمريكية وسؤال الإيمان

26 أغسطس 2015

أظهر تقرير نشره مركز بيو للأبحاث، أن غالبية الأمريكيين (53%)، لا ينوون إعطاء صوتهم الانتخابي لمرشح ملحد في الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها العام القادم. ترتفع هذه النسبة بين الجمهوريين لتصل إلى %70 فيما تنخفض لدى الديمقراطيين لتصل إلى 42% فقط. والرسالة التي تحملها هذه النتيجة أن الدين أمر يهم الأمريكيين، هذا ما ذكرته صحيفة Christiantoday، في مقال مطول بعنوان "ما الذي تحتاج أن تعرفه عن إيمان المرشحين الجمهوريين للرئاسة الأمريكية". ووفقا للمقال ولاستطلاعات الرأي، يأتي المرشح المثير للجدل دونالد ترمب على رأس قائمة المرشحين المحتملين عن الحزب الجمهوري، ورغم أدائه اللفظي الخشن، يصف ترامب نفسه بأنه مسيحي مؤمن، محب لكنيسته، وزائر منتظم لها، ويعرب عن قناعته بأن الإنجيل هو كلمة الرب، وأنه رغم تلقيه مئات النسخ منه، فإنه لم يلق بعيدا بأي منها، كما اهتم ترامب بأن يعرض أمام معجبيه من الأمريكيين صورة له وهو صبي أثناء حضوره قداسا في إحدى الكنائس المشيخية. ويشير ترمب إلى أنه يشارك في طقوس "التناول" التي تحاكي العشاء الأخير، ويدعي أن ما يشربه خلالها من خمر هو الخمر الوحيد الذي يتعاطاه، وأنه يشعر عقب الفراغ من هذه الطقوس بتطهر داخلي وغفران لذنوبه. وفي سياق آخر صرح ترامب أنه يفضل أن تغلق الحكومة عن أن تستمر في دعم عمليات الإجهاض، كما عبر عن قلقه إزاء المعاملة الخشنة التي قال إن المسيحيين يعاملون بها في الشرق الأوسط، في الوقت الذي يلقى فيه المسلمون معاملة حسنة في الولايات المتحدة، فيما اعتبره تطبيقا لسياسة المعايير المزدوجة، وعزى هذا الوضع إلى أن المسيحيين لا يجدون من يمثلهم أو يعبر عن مصالحهم، وتعهد بأنه حال فوزه بمنصب الرئاسة فإنه سيكون أفضل من يمثل المسيحيين ويتبنى قضاياهم عبر العالم. يلي ترامب على قائمة التوقعات، وإن بفارق كبير، المرشح جيب بوش الذي يتعهد بالدفاع عن الإعفاء الضريبي الذي تتمتع به المنظمات الدينية، مثل الكنائس والجامعات الدينية، كما يتعهد بالمحافظة على الحرية الدينية، حال اختياره لمنصب الرئاسة، وذلك من خلال اختيار قضاه للمحكمة العليا "مستعدين للدفاع عن حق الأفراد في العيش وفقا لمعاييرهم الدينية". ويصف جيب إيمانه الشخصي بأنه مصدر الهدوء والسلام الداخلي في حياته، وفي عام 2006 اعترف بأنه يحمل دوما مسبحته الخاصة. كما قدم جيب دفاعا مستفيضا عن إيمانه المسيحي، وذلك في الكتاب الذي شارك في تأليفه بعنوان "Profiles in Character، وأهداه إلى كل من جون كينيدي والرب. أما المرشح بن كارسون والذي يأتي ثالثا على قائمة الترشيحات، فصرح بأنه لم يعرف معنى "الوطن الروحي" إلا في إطار الجماعة الدينية التي ينتمي إليها، والمعروفة باسم "الطائفة السبتية"، كما أن انطلاق حملته الرسمية قد تميز بعزف نفذته الفرقة الكنسية للإنشاد. هذا ويؤكد كارسون أنه ليس سياسيا بالمعنى التقليدي، لأن الساسة إنما يقومون بكل ما هو براجماتي، فيما هو يتعهد بأن يقوم فقط بكل ما هو أخلاقي. وينتقد كارسون العلمنة السياسية والتي تعرف داخل أمريكا بالـ "Political correctness"، قائلاً إنها تسعى إلى إلغاء كل ما له علاقة بـ"الرب"، هذه العلاقة التي وصفها في مقابلة له مع قناة CBN بأنها أهم شيء بالنسبة له. المرشح الرابع سكوت ووكر، يصف علاقته بالإيمان بأنها وراء كل قرار هام اتخذه في مسيرته، فالرب على حد وصفه هو قائده في حياته لكل ما هو صحيح، حتى أنه يعتقد أن الرب هو من حدد الوقت الذي تزوج فيه، والذي اتخذ فيه قراره بالترشح للانتخابات. أما المرشح "ماركو روبيو" فكتب كثيرا عن أهمية الإيمان في تحقيق الحافز الشخصي، وأكد أن الأهداف الدنيوية ليست بحال أعلى قدرا من الأهداف الروحية، قائلاً: "إننا نتسابق من أجل أن نؤكد بصمتنا في هذه الحياة ولكننا ننسى أن مكاننا في الحياة الآخرة أهم"، "وإذا كنت معنيا بتحقيق إنجازات دنيوية فأرجو أن أكون قد فعلت ذلك انطلاقا من دوافع صالحة". من ناحيته وعد المرشح تيد كروز بأن يقدم تشريعا يسمح لكل ولاية بأن تتخذ قرارها منفردة بشأن السماح بزواج الشواذ من عدمه. وبشكل عام يوصف كروز بأنه منافح عن الحرية الدينية، ويحظى بثقة الجماعات المحافظة، فوالده راع لمؤسسة دينية، سبق له وأن اتهم الرئيس أوباما بأنه "ماركسي يسعى لتحطيم الدين، وكل ما له علاقة بالرب". أما المرشح راند بول، فيواظب على حضور الصلاة في الكنيسة المشيخية التي ينتمي لها، ويصرح بأنه لم يصل إلى إيمانه المسيحي مصادفة وإنما عبر رحلة شاقة من الشك والبحث، موضحا أن كرهه للحروب، نابع من قناعته بكراهية الرب لها، فعلى حد قوله: "لو أن المسيح كان حيا لعارض الحروب بكل تأكيد". وكغيره من المرشحين الجمهوريين يعارض بول الإجهاض، وتقنين زواج الشواذ على نحو فيدرالي. مؤكداً قناعته بأن الولايات المتحدة تعاني مشكلة أخلاقية كبرى، هي التي جعلت من موضوع زواج الشواذ مطروحاً، وطالب بعملية إنقاذ لأمريكا، من خلال عملية إحياء (للقيم). المرشح مايك هوكابي صرح في إحدى مقابلاته أن الشيء الوحيد الذي يملأ فراغ الحياة هو الإيمان، كما صرح بأنه معني بموقع المسيحية في أمريكا المعاصرة، وانتقد تيارات العلمنة السياسة التي وفقا له "لن تتوقف قبل ألا تصبح في أمريكا كنيسة واحدة، وقبل أن يختفي كل من يبشر بالإنجيل". على الجانب الآخر فإن كثيراً من أسهم الانتقاد التي توجه إلى المرشحين الديمقراطيين ترتكز بالأساس على حيادهم الديني، أو على حد البعض "انحيازهم ضد الدين"، فمن سماحهم بعمليات الإجهاض، إلى ترحيبهم بالتجارب على الخلايا الجذعية (الاستنساخ)، إلى تأييدهم لحقوق الشواذ، يضع الديمقراطيون أنفسهم في دائرة انتقادات المتدينين في الولايات المتحدة، كما سنستعرض في مقال لاحق، إن شاء الله.