16 سبتمبر 2025
تسجيلتتعدد الفرص الاستثمارية والتحديات التي تواجه الاستثمارات الأجنبية في مصر، منذ مؤتمر الاقتصاد الدولي الذي عقد في شرم الشيخ ، وبعد افتتاح قناة السويس، فقد تم الإعلان عن مشروعات متنوعة تحتاج إلى استثمارات أجنبية بمليارات الدولارات، وتحتاج إلى وجود برنامج زمني يجسد الرؤية التي طرحت في المؤتمر لمستقبل الاقتصاد المصري في السنوات القادمة.. ولا شك أن ذلك يلقي بظلال كثيفة من الضغوط على الدولة وميزانيتها ومصداقيتها وقدرتها على الالتزام أيضا، حتى ترد على المتشككين في القدرة على إنجاز هذه المشروعات الطموحة وفق الدراسات التي أسست عليها ، باعتبار أن هذه المشروعات أكثر من كونها رؤى ومشروعات على ورق، ولكنها مشروعات حتمية لابد من تنفيذها للنهوض بالاقتصاد، ودفع مصر للخروج من الوادي الضيق والتوسع في تنمية الأراضي التي تفتقر للموارد والاستثمارات والتكنولوجيا والأيدي العاملة ، التي يمكن أن تواجه التحديات القائمة والمتوقعة ، لذلك لابد من توفير المناخ الملائم لذلك، بحيث تكون مصر مشجعة وغير معوقة للاستثمارات وللمستثمرين الأجانب، وعليها أن تستوعب المتغيرات الدولية وتهيئة بيئة صالحة لحماية رؤوس الأموال الأجنبية، مع توفير أكبر قدر من الشفافية فى التعامل معها، ووضع بدائل لحل المنازعات من خلال آليات متطورة وقوانين وتشريعات أكثر تطورا، وقد أحسنت الحكومة مؤخراً في تراجعها بتجميد قرار ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة لمدة سنتين، حفاظاً على تنافسية سوق المال ، وبذلك أعادت الحكومة الروح مرة أخرى لسوق المال، ولاشك أن القرار يبعث رسالة إيجابية بأن الحكومة تشجع الاستثمار بما سينعكس إيجاباً على حجم تداول الأجانب في السوق، وعلى الاستثمار المباشر في مصر عموماً، وزيادة السيولة في السوق مجدداً. وكانت الضريبة التي فرضتها مصر في شهر يوليو 2014 أدت إلى شح السيولة وخـروج الكثير من المستثمرين المصريين والأجانــب من السوق، احتجاجاً على غموض آلية تطبيق الضريبة الجديدة والأعباء الإضافية التي تفرضها عليهم ، خاصة أن البورصة كانت معفاة تماماً في السابق من أي ضرائب على الأرباح المحققة نتيجة المعاملات، أو التي توزع نقداً أو مجاناً على المساهمين في الشركات المقيدة بها، وأصبحت هناك تخوفات من حالة ازدواج ضريبي مع فرض ضريبة على التوزيعات النقدية أو دخولها في أوعية ضريبية أخرى، وفي سبيل ذلك تحتاج الحكومة للاستعانة بكفاءات وخبرات استثمارية عالية التدريب والمهارات في الهيئات المسؤولة عن الاستثمار، كما يجب تشجيع القطاع الخاص المحلي على تحمل المخاطر والأخذ بزمام المبادرة ليكون في صدارة المشهد الاقتصادي في مصر حتى يعطي رسالة ثقة للآخرين ، لأن غياب المستثمرين المحليين، لا يشجع على جلب الكثير من المستثمرين الأجانب ، بعد أن أصبحت الشراكات من الأمور الضرورية في الاقتصاديات الحديثة ، إلى جانب ضرورة توفير الخبرات الفنية القادرة على التعامل مع التكنولوجيا والتقنيات الحديثة ، لأن نقص هذه الكوادر المؤهلة من أهم العوامل السلبية أمام المشروعات الاستثمارية الجديدة ،على الرغم من النسبة الكبيرة من المتعطلين والباحثين عن عمل التي تصل إلى نحو 14أو 16 % وهي نسبة عالية، مما يستوجب خلال الفترة المقبلة قيد شركات حكومية وزيادة رأسمالها من خلال السوق حتى تكون قادرة علىى مواجهة التحديات واستيعاب أكبر عدد من العاطلين عن العمل، لأنه لا يمكن لمصر أن تحقق رؤيتها فى التنمية الاقتصادية بدون الاستثمارات الأجنبية والتمويل والخبرات، التي يمكن أن يستفيد منها الاقتصاد من خلال الشراكات الأجنبية مع دول العالم التي تعد أمرا حتمياً في ظل العولمة، وعلينا أن ندرك أن النوايا الحسنة ،أو مجرد الرغبة العلنية والصادقة لا تكفي لتحقيق نمو شامل واستثمار مستدام، إذا لم يتم تطبيقها على أرض الواقع، لأننا في حاجة إلى تطبيق أفضل الممارسات الاقتصادية لتشجيع الاستثمار والقضاء على البيروقراطية، لتصبح الدولة محفزة للاستثمار بدلاً من أن تكون عقبة في طريقه أو طاردة له ، ولا سيما أن رؤوس الأموال الأجنبية والخبرات والتكنولوجيا تسعى للقدوم إلى مصر واستغلال الفرص الاستثمارية بها، ولكنها تحتاج إلى تشريعات مرنة وشفافية كبيرة، لأن من المخاوف التي تقلق المستثمر الأجنبي هي عدم الثقة والضبابية والبيروقراطية، لذلك إذا كانت مصر تريد حقاً أن تشغل مكانة مرموقة ضمن قائمة الدول متوسطة الدخل بحلول عام 2035 فإنها تستطيع ذلك بالفعل، من خلال حزمة من التشريعات السياسية التي تسهم في الاستقرار، إلى جانب السياسات المالية والنقدية والتشريعات التي تعزز خطط الاستثمار وتسهم في تدفق الاستثمارات الخارجية، وتحتفظ بها لفترات طويلة حتى لا تهرب إلى الأسواق المجاورة التي تنعم بالاستقرار.