02 نوفمبر 2025

تسجيل

غزة تحتاج للجميع

26 يوليو 2014

لا يمكن إلا الكتابة عن غزة.تلك البقعة من فلسطين التي تحولت إلى رمز لكل العرب والمسلمين. بقعة هي تحت الحصار البري والجوي والبحري. ولكنها تعيش في داخلها بالحرية التي لا تمتلكها حتى كل الشعوب العربية والإسلامية. وهذه بالضبط نقطة القوة الأساسية التي يتمتع بها أهل غزة ومقاوموها من كل الفصائل. إذ عندما تكون حرا في داخلك ليس من قوة مهما كبرت أن تحتلك وتكسر إرادتك.لكن هذا لا يكفي لاستمرار الصمود وتحقيق الانتصار وبالتالي حمايته. غزة منتصرة بكل شهدائها وجرحاها وبيوتها المدمرة.غزة راسخة وصلبة وستكون القابلة التي تحرر كل فلسطين.لكن الأمر لا يقف عند حدود الإرادة فقط.اذ يتطلب ذلك تمكين الأرضية التي تقف عليها المقاومة.من يتتبع سلوك الحركة الصهيونية على ارض فلسطين يقف عند ملاحظة جذرية وهي أنها تسعى إلى تغيير الوقائع على الأرض لخلق معادلات جديدة.فالأرض في العقيدة الصهيونية أصل المشروع. وأرض إسرائيل بالنسبة لهم هي كل فلسطين وعند الضرورة والتمكن كل ما يقع بين النيل والفرات.وهذا ثابت في أدبياتهم وليس مجرد تهويل أو اختراع.لذا فإن إسرائيل لم تنفذ يوما قرارا لمجلس الأمن الدولي يتصل بأرض فلسطين.لم تنسحب من الضفة وزادت الاستيطان الاستعماري فيه واذا كان عدد المستوطنين يقارب فقط النصف مليون مقابل أكثر من أربعة ملايين فلسطيني أو أكثر فالمشروع الصهيوني لا يهتم لذلك إذ أنه بدأ في الأساس ببضعة آلاف في نهاية القرن التاسع عشر ليسيطر بعد نصف قرن ثم بعد قرن على كامل أراضي 1967.إن مقاومة الاحتلال تحتاج إلى تغيير الوقائع والحقائق على الأرض لمنع فرض معادلات جديدة ليست لصالح الشعب الفلسطيني.وغزة لا يمكن أن تستمر وحدها في مقاومة العدوان إلى ما لانهاية.فغزة والقضية الفلسطينية هي قضية فلسطينية وعربية وإسلامية. ولا نريد إقحام المجتمع الدولي قبل أن نكون نحن عند واجباتنا ومسؤولياتنا.تحتاج غزة للجميع. تحتاج أولا لكل شعبها الفلسطيني وبالتالي للوحدة بين فصائلها ولاسيَّما بين "حماس" والسلطة الفلسطينية.وهذا مكمن الخطر الأول على القضية الفلسطينية اذ أنه ليس مقبولا أن تكون فلسطين تحت الاحتلال والتهويد والتذويب والفلسطينيون منشغلين بخلافات داخلية عميقة.وتحتاج غزة إلى عالمها العربي بدءا من مصر غير المقبول أن تكون على هذا الموقف لحسابات أيديولوجية مع "حماس"، التي أيضاً عليها واجب الأخذ بالاعتبار أن مصر بوابتها الوحيدة واليتيمة إلى الخارج وبالتالي أن تكون خارج أي اصطفافات عربية أو إسلامية وإيلاء الهوية الفلسطينية أولوية على ما عداها من هويات.وإلحاق الضرر بغزة هو إلحاق ضرر بالأمن القومي المصري وهذا ما يجب أن تدركه القيادة المصرية.وتحتاج غزة للعرب الذين لم تجتمع جامعتهم حتى الآن مرة واحدة في واقعة يندى لها الجبين كأن غزة وفلسطين ليست من هذا العالم. وبالطبع تحتاج غزة إلى أبعد من مجرد اجتماع للجامعة. تحتاج إلى إجراءات رادعة وضاغطة على إسرائيل من مقاطعة اقتصادية ودبلوماسية وتهيئة الخيل ومرابطها.وتحتاج غزة إلى عالمها الإسلامي حيث انضمت منظمة التعاون الإسلامي إلى نظيرتها جامعة الدول العربية في لعبة "شاهد ما شافش حاجة" فلم تدع حتى إلى مجرد اجتماع.أما الدول المسلمة غير العربية فمسؤوليتها أيضاً كبيرة خصوصا تلك التي تقيم علاقات ديبلوماسية واقتصادية مع إسرائيل وفي مقدمتها تركيا وماليزيا. ذلك أن الخطابات التي ترتفع هنا أو هناك ضد العدوان الإسرائيلي في ظل استمرار العلاقات الدبلوماسية وتصاعد التعاون الاقتصادي والعسكري والأمني والسياحي معها لا يمكن أن تؤثر في قادة العدو وتظل حبرا على ورق وذرا للرماد في العيون.إذا كانت الإرادة أساس الصمود، فإن الصاروخ الذي ينطلق إلى تل أبيب والقدس وعسقلان وحيفا ويافا وديمونا هو الذي يغير المعادلة وبمكن أن يعطي الأمل بتحرير لاحق لكل فلسطين ولو طال الزمن.غزة تحتاج إلى الجميع. فلتكن وقفتكم يا خير أمة أخرجت للناس وفي هذا الشهر الفضيل.