31 أكتوبر 2025

تسجيل

تحية المقاومة

26 يوليو 2014

سواء اتفقت معهم أم لم تتفق، لا يسعك كمواطن عربي تسري في عروقك دماء عربية وإسلامية إلا أن تفرح لفرحهم وتحزن لحزنهم.. إنهم كتائب القسام، إنهم سرايا المقاومة، إنهم كتائب أبو علي مصطفي، إنهم المقاومة الفلسطينية بفصائلها المتعددة من إسلامية ويسارية ووطنية.. لقد رفعوا جباه العرب والمسلمين عالياً بما رسموه من لوحة فنية توضع في سجل النضال العالمي للشعوب المغلوبة كي تكون لها نبراسا وقدوة في إرادة التحرر وصنعه. لقد أذهلتنا المقاومة بأدائها ومقاومتها البسالة، أذهلتنا بروحها العالية جدا، بهذا النوع من الحرفية والانضباط في ساحات القتال والمواجهة والتصدي للعدوان الإسرائيلي رغم جراح الحصار وافتئات القريب والبعيد عليها. وهي تسجل اليوم نصراً مؤزراً قبل أن ينجلي غبار المعركة. لقد انتصرت قبل أن تضع الحرب أوزارها. وانتصارها لم يكن عسكرياً فحسب بل عسكرياً وسياسيا وأخلاقيا.انتصرت عسكرياً حين باغتت العدو في عقر داره، فكان لها عنصر المبادأة والمفاجأة.. ثم انتصرت حين قتلت من جنود الاحتلال وضباطه العشرات، وهو رقم أعلى لا شك مما قتل الاحتلال من عناصر المقاومة. وهي فوق ذلك منعت الاحتلال من تحقيق أهداف العدوان التي وضعها قبل بدء حملته على القطاع. كما انتصرت عسكرياً حين منعت الاحتلال من التقدم والتوغل داخل قطاع غزة رغم الآلة الحربية المتقدمة والمتطورة، وما يسخر لها جوا وبحرا وبتكنولوجيات تأتي في المرتبة الثانية عالميا بعد الولايات المتحدة.. وكما انتصرت في الميدان العسكري فقد تفوقت أخلاقيا على العدو فكان قتلاها من الجنود المحاربين وأن كان كل إسرائيلي مغتصب محارب في حين ضحايا العدو أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ، والعدو لم يوفر جريمة من جرائم الحرب وفق القانون الدولي إلا وارتكبتها، من جرائم حرب إلى جرائم ضد الإنسانية إلى جرائم الإبادة، حيث استأصل وما يزال عائلات بكاملها..أكثر من 15 مجزرة، وأكثر من 23 عائلة رحلت بكامل أفرادها عن الدنيا رحل فيها الصغير والكبير دون أن يعرف ما الذنب الذي اقترفه؟!وهي في ميدان السياسة كانت أكثر من منتصرة، فلم تعد المقاومة تقبل "تهدئة مقابل تهدئة".. بل "حصار مقابل حصار". وهو ما لم يُفرض على إسرائيل في أي من حروبها ضد العرب.. لأول مرة في تاريخ إسرائيل تغلق المطارات الجوية وتحاصر في أجوائها كما هي تفعل تماما مع أهل غزة منذ ثماني سنوات بدعم وتوطئ دولي وإقليمي لا ينكره منصف محايد.تعساً للمخذّلين والمثبّطين من بني العرب الذي سموا صواريخ المقاومة يوما بالصواريخ العبثية ثم غمزوا من قناة المقاومة فقالوا إنها تتاجر بشعبها وهي تستوطن فنادق 5 نجوم. واليوم تزداد الحملة عليها شراسة فلا تستغرب إذا سمعت من يسمي نفسه داعية يقول: لا يجوز نصرة غزة لأن أهلها شيعة. لقد انتصرت الضحية على الجلاد لأنها تحمل قضية مقدسة، قضية لا تحتمل الاختزال ولا القسمة، قضية هي الهوية والوجود والأرض، قضية هي التاريخ والجغرافيا والثقافة.. أنها باختصار قضية الإنسان الفلسطيني الضارب في عمق التاريخ آلافا من السنيين قبل أن يفد إلى فلسطين شذاذ الآفاق، فيحتلوا وينهبوا ويصادروا دون رادع أو حسيب أو رقيب.يكفي "العصف المأكول" أنه كشف الحقائق وأزال الأقنعة عن المتآمرين من بني جلدتنا الذين هدفوا إلى تدمير روح المقاومة في نفوس الشعوب وتدجينها في قفص المهانة والذلة.يكفي المقاومة فخراً أنها أشعلت نار الانتفاضة في موقد الضفة.. وها هي بشائرها تلوح في القدس وأراضي 48 لتلحق بركب أخواتها من المناطق والمدن المنتفضة نصرة لغزة، وتمرداً على البؤس الذي أوصلت إليه اتفاقيات أوسلو التي أورثت الفلسطنيين ذلاً ومهانة وأفقدتهم وحدتهم ونضالاتهم واختزلت قضيتهم وقزمتها إلى قضية إنسانية تتمثل باللجوء والتعويضات المالية.