20 سبتمبر 2025
تسجيلشواهد القرآن الكريم تدل على أن سنن الله تعالى لا تحابي أحدا ولا تجامل ففي القرآن الكريم "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا" وفيه ايضا "سنة الله في الذين خلوا من قبلكم ولن تجد لسنة الله تبديلا". وهذه الآيات ومثلها كثير، تلفت العقل الإنساني إلى أن خالق هذا الوجود، سبحانه وتعالى، قد جعل السنن والقوانين، وليس الصدفة ولا العبثية والعشوائية، الحاكمة لجميع عوالم هذا الوجود، المادية منها والإنسانية، والفكرية أيضا. ووثيق الصلة بنظام السنن والقوانين مبدأ السببية وعلاقة الأسباب بالمسببات.. فلعوالم الوجود أنظمة وسنن وقوانين لا تنخرق إلا بإرادة خالق الوجود والسنن والأسباب والمسببات، سبحانه وتعالى.إن قول الله سبحانه وتعالى "قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين" دعوة واضحة للعقل المسلم أن يستخرج من القرآن علما جديدا، هو علم الاجتماع وقيام الأمم والدول والحضارات، الذي يستخلص سنن التقدم والتخلف، والنهوض والانحطاط، والقوة والضعف في الأمم والحضارات والدعوات وذلك حتى يكون هذا العلم دليل عمل للأمة في محاولاتها النهوض والتقدم والانعتاق. وفي التدافع بينها وبين الأعداء والخصوم.. وفي هذه الوقفة نشير إلى أن إرشاد الله إيانا أن له في خلقه سننا، يوجب علينا أن نجعل هذه السنن علما من العلوم المدونة، لنستديم ما فيها من الهداية والموعظة على أكمل وجه، فيجب على الأمة في مجموعها ان يكون فيها قوم يبينون لها سنن الله في خلقه، كما فعلوا في غير هذا العلم من العلوم والفنون التي ارشد إليها القرآن بالاجمال، وبينها العلماء بالتفصيل، عملا بارشاده، كالتوحيد، واصول الفقه. والعلم بسنن الله تعالى من اهم العلوم وانفعها، والقرآن يحيل عليه في مواضع كثيرة، وقد دلنا على مأخذه من احوال الامم، اذ امرنا ان نسير في الارض لأجل اجتلائها ومعرفة حقيقتها.. ان لله في الأمم والأكوان سننا لا تتبدل، وهي التي تسمى الشرائع، او النواميس، أو القوانين، ونظام المجتمعات البشرية وما يحدث فيها هو نظام واحد لا يتغير ولا يتبدل، وعلى من يطلب السعادة في المجتمع ان ينظر في اصول هذا النظام حتى يرد إليه اعماله، فإن غفل عن ذلك غافل، فلا ينتظر إلا الشقاء، وان ارتفع في الصالحين نسبه او اتصل بالمقربين حسبه. فمهما بحث الناظر وفكر وكشف وقرر أتى لنا بأحكام تلك السنن، فهو يجري مع طبيعة الدين، وطبيعة الدين لا تتجافى عنه، ولا تنفر منه.