15 سبتمبر 2025

تسجيل

فضيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

26 يوليو 2013

يقول الإمام ابن حزم رحمه الله: اتفقت الأمة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي علن المنكر بلا خلاف بين أحد منهم؛ لقوله تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). يقول الحسن البصري رحمه الله: من أمر بالمعروف أو نهى عن المنكر فهو خليفة الله في أرضه وخليفة رسوله وخليفة كتابه، ويقول الإمام القرطبي رحمه الله عند تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ). يقول رحمه الله: "دلت هذه الآية على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان واجبا في الأمم المتقدمة وهو فائدة الرسالة وخلافة النبوة.صفاتُ يجب أن يتحلى بها الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر.أولاً: العلم: فلا بد في الآمر والناهي أو من يقوم بعمل أو وظيفة الحسبة من أن يكون عالماً بما يأمر وينهى حتى لا ينهى الناس عما أحل الله أو يحرف على الناس أمرا مباحا أو يسكت عن أمر محرم، قال تعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ). وليس لفظ العلم مقتصرا على العلم بما يأمر وينهى وإنما يشمل مفهوم العلم، العلم بطرق الدعوة وأساليب مخاطبة الجمهور.ثانياً: العمل بما يعلم: وقد عاب الله على من اتصف بالضد أو النقيض، فقال تعالى: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ). يقول الإمام الغزالي رحمه الله: إن هداية الغير فرع للاهتداء، وكذلك تقويم الغير فرع للاستقامة والإصلاح زكاة عن نصب الصلاح، فمن ليس بصالح في نفسه فكيف يصلح غيره ومتى يستقيم الظل والعود أعوج.ثالثا: الإخلاص: لا بد للآمر والناهي والموجه والمربي وكل من يرجو قبول عمله الإخلاص مع الله فيما يقول ويفعل لأن الله لا يتقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم قال تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) أي إنما يقبل الله من المخلصين في أعمالهم، وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: من خلصت نيته كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس.رابعاً: الأمانة: أي أن يكون الآمر بالمعروف صاحب أمانة وذمة وضمير حي في تبليغ وأداء ما أمر الله به قال تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا).خامساً: الصبر: فلابد للآمر بالمعروف والداعي من الصبر، إذ به يتحمل أذى الناس فلا ولن يكون كلامك وأمرك ونهيك مقبولا لدى الجميع ولن يكون ماءً عذبا على قلوب الجميع بل سيرضى به البعض، والبعض الآخر لربما خالفك ولكن كتم في نفسه، والبعض لربما آذاك بكلامه أو أفعاله لذا اقتضى الحال أن يتحلى المحتسب بالصبر على ما يلقى من الأذى والبلى من الناس، قال تعالى: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ ).سادساً: الرفق واللين والرحمة بالناس: قد حث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وأمر أمته بالرفق واللين والرحمة وسعة الصدر، فقال صلى الله عليه وسلم: (الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه)سابعًا: الاستطاعة: ولا بد في الآمر بالمعروف حين الأمر والنهي أن يأمر وينهى قدر ما يستطيع ولا يحمل الناس ما لا يستطيعون إذ أن الله قد كلف العباد على حسب طاقتهم وتحملهم ولا يكون التكليف فوق ذلك: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ).