18 سبتمبر 2025
تسجيلفاز تحالف الرئيس أردوغان بالبرلمان والرئاسة، وتسير الأمور في نسق هادئ بعد تشكيل الحكومة، ولكن على جبهة المعارضة هناك الكثير من الهزات بدأت بعدم اعتراف أي من قادة الأحزاب المعارضة بالمسؤولية عن الهزيمة. وقد برزت مؤشرات عدة مثل عدم ترشيح أحزاب الطاولة السداسية مرشحا توافقيا لرئاسة البرلمان بالرغم من رمزية الأمر نظرا لأن مرشح تحالف الشعب نعمان كورتولموش كان فوزه مضمونا بسبب الأغلبية. الصراع الأهم هو في الحزب المعارض الأول حزب الشعب الجمهوري وبين أقوى شخصيتين فيه والذي وصل التحدي بينهما إلى المساجلات الإعلامية والرسائل الواضحة، حيث طالب إمام أوغلو بشكل واضح بالتغيير في رسالة لكليجدار أوغلو للتنحي، وقد قدم عرضا له بالبقاء رئيسا فخريا للحزب في حين قدم أكرم إمام أوغلو وآخرون أنفسهم كمرشحين طبيعيين. لكن يبدو أن رئيس الحزب كمال كليجدار أوغلو ليس لديه أي نية لترك رئاسة الحزب الذي يستعد لخوض الانتخابات البلدية في مارس 2024 وهو في خضم أزمة ثقة بين رئيس الحزب وبين رئيس أكبر بلدية في تركيا وأهمها عن الحزب إمام أوغلو رئيس بلدية اسطنبول. وتبدو الأمور للمتابع أن أوراق كليجدار أوغلو ما زالت أقوى من أوراق إمام أوغلو إذ إن إمام أوغلو بحاجة لدعم الحزب للفوز بانتخابات البلدية قبل كل شيء، خاصة أن أداءه كان ضعيفا جدا في ملف الخدمات البلدية خلال الأربعة أعوام الماضية. كما أن كليجدار أوغلو ما زال يتمتع بنفوذ داخل الحزب. وفي ذات السياق قام كليجدار أوغلو بإقالة زمرة من مستشاريه كما استقالت اللجنة المركزية للحزب بعد الانتخابات. على صعيد الحزب الجيد ثاني أحزاب المعارضة فقد برزت تصريحات تشير الى أن رئيسة الحزب ميرال أكشينار لن تستمر في قيادة الحزب كما عانى الحزب من استقالات كبيرة وقبيل وبعيد الانتخابات. أما حزب الشعوب الديمقراطية الذي دخل الانتخابات تحت اسم اليسار الأخضر فقد عانى من سجال تحميل المسؤوليات وقد كان أحد نتائجه إعلان صلاح الدين ديمرطاش الرئيس السابق للحزب عن اعتزاله الحياة السياسية تماما. كما أن الرئيسين الحاليين للحزب أعلنا أنهما لن يرشحا نفسيهما لرئاسة الحزب مرة أخرى (من المعلوم أن حزب الشعوب لديه رئيسان أحدهما رجل والثاني امرأة وهذا تقليد قديم يسير عليه الحزب). لقد سببت الانتخابات الأخيرة في حالة إعياء كبيرة لدى المعارضة التركية وهي حاليا في حالة تشبه الترنح وعليه قد تكون الفرصة سانحة لأحزاب تحالف الشعب لاستقطاب المزيد من التأييد من المنتقلين من هذه الأحزاب ويبدو الحركة القومية مرشحا لجذب المزيد من ناخبي الحزب الجيد، كما يمكن لحزب العدالة والتنمية أن يجذب أكثر من أصوات الأكراد. لقد عاشت تركيا زلزالا مؤلما في فبراير 2023 ولكن يبدو أن الانتخابات كانت بمثابة زلزال آخر للمعارضة التركية لا تزال هزاته الارتدادية تتوالى من خلال الأزمات المتلاحقة التي تعيشها الأحزاب. ومرة أخرى نتذكر أن المباني التي تظل قائمة في مواجهة الزلزال هي المباني المتماسكة المبنية على قواعد صلبة وهذا هو حال التحالف الذي شكله أردوغان بين القوميين والمحافظين، أما التحالف السباعي الذي شكلته المعارضة على عجل وبين أجسام غير متجانسة فقد كان عرضة للتفكك بين مكوناته بل داخل المكون الواحد. وبالتأكيد ربما تكون هناك هزات أخرى لكن مع ذلك ستحاول المعارضة التحامل على جراحها وصولا للانتخابات البلدية في مارس القادم كملاكم تلقى ضربة قاضية في الحلبة فهل ستنجح في إحداث شيء. سننتظر ونرى.