16 سبتمبر 2025
تسجيلصدفة تجمعك مع صحبة، ويعتريك إحساس بالسعادة ممزوج بالطاقة الإيجابية، فكل شيء حولك مرتّب ومنسّق ويدفعك للنشاط والإنتاج، والمكان هادئ وجميل، وكأن الجلسة قد خطط لها. نتائج تلك الصدفة تدفعك إلى الشعور بالقيام بشيء مُلهم، ويترك أثراً على من هم حولكْ، كأن تبادر بمد العون لمن يحتاجون مساعدتك، أو أن تقوم بعمل مؤثر لعدد كبير من الأشخاص، وهنا تتساءل، ماذا لو كانت محطات الحياة عبارة عن صدف دافعة لتلك الطاقة الرائعة؟ وأن الحياة لا تحتاج لمنهجية أو تخطيط. ولكن بعض الناس قد يرون أن التخطيط للأمور قيود والتزاماتْ، وبعضهم الآخر تجده لا يستطيع العيش دون تخطيط، وقد يصل الحال به أن يتم التخطيط لليوم الذي يليه. فما الذي يدفعنا للتخطيط؟. وعدم ترك الأمور لتلك الصدف. وهل حقاً هناك ثمن ندفعه إذا لم يتم التخطيط؟. أم أن التفاصيل الحياتية لا تستحق التدقيق، وأن حياتنا ماهي إلا محطات من الصدف ننتظر الوصول إليها، وربما تكن كتلك الصدفة الجميلة، أو صدف تجعلنا نتخّبط ببعضنا البعض. نحنُ لا نستطيع أن ننكر أن الصُدف الجميلة تحمل في طياتها ذكريات ومشاعر صادقة، وأن الأماني المتناثرة في قلوبنا هي أمنيات نّود لو تتحقق ونراها، ولكن أهدافنا وتحقيق طموحنا لا ينتظران تلك المحطات، بل يريدان أن نتّخذ خطوات جادة في العمل والتخطيط. لأن التخطيط عبارة عن سلسلة من العمليات التنّموية التي تجعل من العمل أكثر فاعلية، ويساعد على الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة حولك، من أجل الوصول إلى أفضل النتائج المرجوة، عبر إحداث تغييرات إيجابية في الظروف والأوضاع المحيطة بك، أوْ في جوانب محددة من حياتك، ودراسة احتياجاتك والتخطيط لتلبية تلك الاحتياجات، والتعرف على مشكلاتك لحلها، ولضمان تطبيق حقوقك من خلال برامج ومشاريع مدروسة على أسسْ علمِية. لأنك حين تجلس بمكان وتلتفت حولك، قد يتبادر لذهنك نوع التحّسن الذي يمكنك إضافته للواقع حولك، خاصة إذا لمست بشخصك النبيل وجود حاجة فعلية لهذا النوع من التحسن، هل تساءلت يوماً عن مبادرة تنموية تحقق بها الكثير لبلدك؟، هل فكرت أن تبادر بعمل شيء جميل ونافع؟، التفكير عملية مهمة، لكن إذا لم تخطط له بشكل جيد ستفقد الحماس، وستتّخبط وقد يؤدي بك ذلك للتصادم مع الآخرين سواء في حيّزك المهني أو الاجتماعي، ناهيك عن المشاعر السلبية التي سترافقك لفترة قد تتعافى منها حسب قوتك الشخصية، لكنها ستعاود الحضور لتوقظْ الإحساس بخيبة الأمل والتردد إذا بدأت من جديد، وتجعلك تخشى المبادرة بتقديم خطة مرة أخرى. التخطيط التنموي جناح من أجنحة النور، به تستطيع أن تستنير طريقك، وأن تكون ثابتاً في خطواتك، فمن خلاله تستطيع أن تحّدد طموحك حسب أهداف واقعية تتبع رؤية واضحة، ورسالة نبيلة تجعلك فخوراً بنفسك معتداً بذاتك، وأن تراعي القيم والتقاليد التي يقّرها مجتمعك أيضاً، فلا تتمرد اجتماعياً لمجرد إحساسك بالاختلاف لكونك ترغب بتغيير الواقع به، وأن تحلّل بيئتك الّداخلية من نقاط قّوة وضعف، وتعرف كيف تستثمر طاقاتك، كما وتعرف البيئة الخارجّية حولك من فرص ومخاطر، فهي المحدد الأمثل لسرعتك في التصرف فلا تتردد، ولا تتعجل بل تتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب. بأن تحدد أهدافك على مراحل وهنا تتبع الخطة التنفيذية، والتي تلزمك بتقويم مستمر لها، وستجد نفسك مع كل ما سبق من خبرات عملية تتّعلم، وتنضج اجتماعياً وفكرياً ومهنياً، وفي كل مرحلة قد تحزن، وقد تخطئ، وقد تواجه محبطّين وعقبات، لكن لا يعني ذلك أن تتوقف بل استمر، وإذا حققت هدفاً وأهدافاً بفضل مثابرتك واجتهادك احتفل بنجاحك، وحينها فقط ستشعر بداخلك بشعور يغمره سلام داخلي، يجعلك ترغب بتحقيق مزيد من الأهداف التي توصلك لذلك الطموح، والرسالة التي تسعى لتحقيقها، رغم كل الظروف التي قد تواجهك فما هي إلا محطات حياتية ستمر بها سواء حققت أهدافك أم لا. ختاماً عليك أن تختار وتقّرر فالاختيار جزء من خطواتك الأولى نحو تلك الخطة على صعيد حياتك الشخصية، أو على الصعيد العملي في وظيفتك، أو على الصعيد المجتمعي، وستكون في قمة التوازن لو جمعت الكل في خطة واحدة، هي خطة حياتك التي تميزك عن الآخرين، وتترك لك أثراً في مجتمعك والعالم أجمع. [email protected]