18 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من نافلة القول وجود قرار دولي بالقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وطرده من المناطق التي يسيطر عليها في سوريا والعراق، وتشتيت مقاتليه في أرجاء الأرض. ومن الواضح أيضًا، أن هذا القرار اجتمع على تنفيذه العالم رغم التناقضات التي تباعد بين أركانه. ففي سوريا طائرات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة تُغير على مواقع تنظيم الدولة جنبًا إلى جنب مع الطائرات الروسية (مُلهمة محور المقاومة والممانعة). لا يقتربون من النظام السوري الذي كان سببًا في وجود التنظيم، بل يساندونه ومن معه من ميليشيات طائفية ترتكب جرائم لا تقل سوءا عما ارتكبه التنظيم. في العراق الوضع أكثر إثارة للدهشة، فالطائرات الأمريكية تستطلع الأرض لمساندة ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة إيرانيًا متغافلين عن أن الولايات المتحدة طالما صنفت إيران على أنها دولة إرهابية وداعمة لمنظمات إرهابية. في حين أن إيران تصف الولايات المتحدة بالشيطان الأكبر ورائدة الاستكبار العالمي وحليفة الغدة السرطانية "إسرائيل". رغم كل ذلك اتحدت بندقية الجندي الأمريكي مع الحرس الثوري وحزب الله والحشد الطائفي للقضاء على تنظيم الدولة، الذي من الواضح أن الغاية من وجوده استنفدت أغراضها. ليس هناك دراسة موثقة حول حقيقة نشأة تنظيم الدولة، وبنيته الفكرية، ومشروعه السياسي، ولا حول تشكيلاته العسكرية وهوية عناصره، وكيف وصل إلى القدرة والقوة التي وصل إليها. كل ما يتوفر تحليلات ومعلومات متناثرة، لكنها تتطابق في شيء واحد، وهي أن عناصر التنظيم ليسوا فئة واحدة، ففي التنظيم شباب تم التغرير بهم، وفهموا الإسلام مشوّهًا من علماء فهموه بدورهم مشوّهًا ومغلوطًا، فحرّضوا رواد مساجدهم وتلامذتهم -عن قصد أو غير قصد- على العنف والقتل والاعتداء على الآمنين. في التنظيم أيضًا مجرمون وقطاعو طرق امتهنوا القتل والنهب وتجارة المخدرات وتهريب البشر، فوجدوا في تنظيم الدولة ضالتهم لممارسة جرائمهم ضمن صفوفه، وبات القتل والتعذيب والسرقة والاعتداء على الأعراض يتم تحت الراية التي رفعها التنظيم، والتي بكل أسف تحمل عبارة "لا إله إلا الله". يبقى نوع ثالث من عناصر التنظيم، وهم العملاء المأجورون الذين زرعتهم أجهزة الاستخبارات داخل صفوفه، لتنفيذ أجنداتها وتحقيق مصالحها، استغلت أفعال التنظيم لتبرير وجودها وتدخلها. في ظل الإرادة الدولية للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، يبرز السؤال: ماذا سيحل بالآلاف من مقاتليه، أين سيذهبون وما مصيرهم، وكيف سيتكيّفون مع واقعهم الجديد بعدما اعتادوا القتل والظلم والتدمير والتعذيب؟ الجواب على هذا السؤال يختلف باختلاف خلفية كل مقاتل. فالمقاتلون الذين ينتمون لفئة القتلة المجرمين الذين اتخذوا من تنظيم الدولة ستارًا لارتكاب جرائمهم، لن تكون لديهم صعوبة في الانتقال إلى جهة أخرى يواصلون ضمن صفوفها جرائمهم. أما العملاء المأجورون، الذين تم زرعهم لتنفيذ مهام محددة، فطالما أن المهمة الموكلة إليهم انتهت لا يعود هناك حاجة لوجودهم، فيغادرون صفوف التنظيم بانتظار تكليفهم بمهمة اختراق أخرى. تبقى المعضلة لدى المقاتلين الذين غُرّر بهم، وباتوا على قناعة بصواب نهج تنظيم الدولة، ومؤمنين بأنه هو الطريق الذي من خلاله ينالون رضا رب العالمين ويدخلون الجنة. أمام هؤلاء خياران لا ثالث لهما: إما مواصلة القتال حتى الموت، وهو ما تسعى إليه القوى الدولية للتخلص من كل أثر للتنظيم ومقاتليه، وإما أنهم سيلقون السلاح ويعودون إلى بلادهم، وهنا تكمن المشكلة، فهؤلاء كانوا مقتنعين أنهم عاشوا في ظل خلافة إسلامية، تطبق أحكام الدين وحدوده، وأن الجرائم التي ارتكبوها كانت تنفيذًا لأوامره، وأن القتل والعنف هو السبيل الذي أقره الإسلام وحضّ عليه. أصحاب هذه القناعات لن يكون من السهل أن يرموا قناعاتهم وراء ظهورهم ويتكيّفوا مع حياة جديدة. وهنا تقع المسؤولية على علماء المسلمين لاحتضان هؤلاء الشباب، والاهتمام بهم والإجابة على تساؤلاتهم، وأن يتم إفهامهم أنه تم التغرير بهم واستغلالهم لتنفيذ مآرب لا علاقة لها بالدين، وصولًا لإيجاد قناعات جديدة تؤهلهم ليكونوا عناصر فاعلة في مجتمعاتهم. أما إذا تم إهمال هؤلاء الشباب، والتعامل معهم بسلبية، كأن يتم اعتقالهم والتضييق عليه، حينها سيكونون أشبه بقنابل عنقودية تنفجر وتقتل من حولها.